الاثنين، 18 نوفمبر 2013

درس في الكاريزما




درس في الكاريزما: كيف تكسب المؤيدين وتؤثر في الناس
إيما يونج
ترجمة إنجي بنداري أحمد

إما أن يكون لديك كاريزما أو لا؟ لم يعد الأمر كذلك: استخلص علماء النفس العناصر الأساسية للكاريزما وحولوها إلى مهارة يمكنك تعلمها.
ما العامل المجهول؟

الكاريزما سمة ستجدها في نيلسون مانديلا، وريتشارد برانسون، وتتمتع أونغ سان سو تشي بها بطريقتها الهادئة، وكان ستيف جوبز يتمتع بكاريزما أيضًا، مع أنه كان يلجأ إلى بعض الحيل لتعزيزها. باراك أوباما لديه كاريزما، أو على الأقل كانت لديه كاريزما. الكاريزما هي إحدى السمات الشخصية التي تحظى بتقدير عالٍ لدينا. ولكن ما هي بالضبط؟ هل تولد بها، أم أنك تستطيع تعلمها؟ لماذا نلهث وراءها على هذا النحو؟ والأهم من ذلك — فيما يتعلق برئيس الولايات المتحدة أوباما على الأقل — هل يمكن أن تفقدها؟

مع أننا نتعرف عليها ما إن نراها، فمفهوم الكاريزما يظل مراوغًا. في عُرف قدماء الإغريق، كانت تُعرف باسم ethos أي الجاذبية المقنعة. وأطلق عليها الكاتب المسرحي الياباني زيامي — أحد معاصري جيفري تشوسر — اسم hana، أي أعلى مستويات ما أطلق عليه «قمة السحر الذي لا يُضاهى». وفي قواميس اللغة الإنجليزية، لا يزال المفهوم يحمل دلالات سحرية مثل «قوة أو موهبة من الله» تجعل الشخص قادرًا على التأثير في الآخرين أو إلهامهم.

لا يستطيع علماء النفس المعاصرون الاتفاق على تعريف للكاريزما، ولكنهم بدءوا يدركون ماهيتها ومدى تأثيرها. وما يسرُّ أي شخص يطمح إلى إحداث تحول في أمة — أو إلى مجرد الاستحواذ على عقول الضيوف في حفل عشاء — أن بعض جوانب الكاريزما يمكن تعلمها. قد يجعلنا هذا نتساءل بشأن القيمة التي نعلقها على هذه السمة التي تُعد أكثر السمات الشخصية جاذبيةً.

في عالمنا هذا المكتظ بوسائل الإعلام الذي تتصل أرجاؤه بعضها ببعض اتصالًا دائمًا، تصبح الكاريزما أهم من أي وقت مضى، وخاصةً لأي شخص في دائرة الضوء. يرى جوزيف روتش — المؤرخ المسرحي بجامعة ييل الذي ألّف كتابًا عن الكاريزما بعنوان «هي» («يونيفرسيتي أوف ميشيجن برس» ٢٠٠٧) — أنه يجب أن يكون لدى الممثلين كاريزما وإلا سيواجهون صعوبة في العثور على أدوار يمثلونها.

إن الظهور كشخصية كاريزمية أمر بالغ الأهمية للقادة أيضًا، من وجهة نظر مايكل موريس الأستاذ بكلية كولومبيا للأعمال في نيويورك. وليس قادة العالم هم من يستفيدون وحدهم من هذا. فالكاريزما وسيلة فعّالة للتوحيد بين أعضاء مجموعة ورفع سقف التوقعات، ومن ثَم، فهي لا تُقدر بثمن لأي شخص يقتضي عمله أن يقود فريقًا أو يقنع آخرين بفكرة جديدة. يقول موريس: «ليس من الضروري أن تتمتع بشخصية كاريزمية حتى تكون مديرًا جيدًا، ولكن من المفيد جدًّا أن تبدو كاريزميًّا عندما تحاول تأسيس أو تغيير مؤسسة.»

ما العوامل التي تجعل بعض الأشخاص ذوي شخصية كاريزمية دون غيرهم إذن؟ قد يكون للجينات دور في هذا. درس ناثان فوكس، الباحث في مجال التنمية الاجتماعية بجامعة ماريلاند في كوليدج بارك، الأداء الاجتماعي للأطفال الصغار ووجد أن بعض الأطفال يمكن تصنيفهم على أنهم منبسطون اجتماعيًّا من عمر مبكر يبلغ ٤ أشهر؛ حيث يتفاعلون مع البالغين ومع أقرانهم ويتسمون عامةً بمزاج مرح («ديفيلوبمنت سايكولوجي»، مجلد ٤٧، صفحة ٧٦٥). وفرص هؤلاء الأطفال أكبر في أن يكبروا ليصبحوا أصحاب شخصيات كاريزمية، ولكنهم يحتاجون إلى سمات أخرى أيضًا. يقول فوكس: «أتصور أن الكاريزما ليست أمرًا متعلقًا بالمهارة الاجتماعية فحسب، وإنما أيضًا بالصورة الإيجابية للذات.» مشيرًا إلى أن هذا يظهر غالبًا أثناء مرحلة الطفولة المتوسطة ويكون نتاجًا للمزاج الفطري وظروف الطفل وبيئته.

يتبنى روتش وجهة نظر مختلفة، ففي رأيه: «يكمن السر في جاذبية غامضة تقنع الآخرين بإخضاع أنفسهم لشخص غامض.» يعتقد روتش أن التناقضات تلعب دورًا حيويًّا في هذا. فأوباما مثلًا يبدو حنونًا وقاسيًا، أبيض وأسود، عاش بين هاواي الاستوائية وشيكاجو الرملية. ويضيف أنه بالمثل نجد الممثلة جوليان مور رائعة لأنها تنجح في إعطائنا انطباعًا بكل من القوة والضعف. قد تتسبب ظروف معينة في إبراز الكاريزما أو تنميتها. يوضح روتش أن «ديانا الخجولة» وقت زواجها بالأمير تشارلز أصبحت في النهاية «أميرة القلوب». ويضيف أن الأميرة ديانا كان عليها أن تبحث في أعماقها لتجد الكاريزما التي طالما كانت بداخلها.

تصبح الكاريزما من منظور روتش شيئًا مثل العامل المجهول الذي يكون بداخل بعض المحظوظين منذ ولادتهم. ويشبّهها بطبقة الصوت المثالية: إذا كانت لديك فيمكن صقلها، وإذا لم تكن لديك فمن الصعب أن تحسنها ولن تحصل عليها بصورتها المثالية أبدًا. بَيْد أن هناك وجهات نظر أخرى ترى أن الكاريزما مجموعة من السمات التي قد يتمتع بها أفراد مختلفون على نحو طبيعي بدرجة أو بأخرى، بالرغم من عدم وجود إجماع على ماهية هذه السمات.

بناءً على أكثر من ثلاثة عقود من الأبحاث، حدد رونالد ريجيو — اختصاصي علم النفس بكلية كليرمونت ماكينا في كاليفورنيا — ست سمات أو مهارات يعتقد أنها ضرورية: القدرة على التعبير العاطفي والحماس والبلاغة والثقة في النفس والرؤية وسرعة الاستجابة للآخرين. حتى يراك الآخرون كاريزميًّا، من المهم أن توازن بين هذه العناصر، هكذا يرى ريجيو. فقد يؤدي فرط التعبير العاطفي مثلًا إلى الانتقاص من الكاريزما الشخصية؛ يذكرنا هذا بالفنانين الكوميديين روبين ويليامز أو جيم كاري.

وتنعكس فكرة اشتمال الكاريزما على مجموعة من السمات أيضًا في مقياس كونجر كانونجو للقيادة الكاريزمية، وهو أحد مقاييس الكاريزما الأكثر شيوعًا والمثبتة صحته. يتكون هذا المقياس من ٢٠ بندًا تهدف إلى تقييم نقاط القوة في خمسة جوانب: الرؤية وسرعة الاستجابة للآخرين وسرعة الاستجابة للفرص والإقدام على المخاطر واتباع طرق غير تقليدية.

تشير هذه الرؤية النموذجية للكاريزما إلى إمكانية صقل بعض جوانبها. فالبلاغة تتحسن بالممارسة. أما الحماس فيمكن تصنعه. ويستطيع الناس أن يتعلموا كيف يصبحون أكثر استجابة للآخرين. حتى القدرة على التعبير العاطفي يمكن تحسينها، وفقًا لما أورده دين سيمونتون الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في دافيس، في كتابه المتميز «لماذا ينجح الرؤساء» («ييل يونيفرسيتي برس»، ١٩٨٧). وجد دين أن أكثر الرؤساء الأمريكيين نجاحًا كانوا يستخدمون لغةً ثرية بالمفردات تنقل عواطف أساسية يتجاوب الجمهور معها مثل الحب أو الكراهية أو الطمع. أي شخصية تأمل في أن تصبح كاريزمية يجب أن تستخدم جملة مثل «أشعر بآلامكم» بدلًا من «أتفهم وجهة نظركم».

الرؤية — أو الظهور كشخصية حالمة — سمة يمكن أيضًا اكتسابها أو تعزيزها. قضى ستيف جوبز الذي ساهم في تأسيس شركة أب

0 التعليقات:

إرسال تعليق