الخميس، 23 أبريل 2015

  تقييم الإصلاح التعليمي المغربي الجديد الإنجازات والاختلالات

    تقييم الإصلاح التعليمي المغربي الجديد
الإنجازات والاختلالات


ونحن في خضم السنة السابعة من الإصلاح التعليمي الجديد، إلى أي حد يمكننا أن نقوم بتقييم شامل لهذا الإصلاح؟

من المعروف أن نتائج الإصلاح لا يمكنها أن تتجسد بشكل جلي إلا على المدى المتوسط والبعيد، وخصوصا على مستوى الفعالية والمردودية الخارجية. رغم ذلك سنحاول أن نقوم بتقييم نسبي لما هو ملاحظ على المستوى القريب، من منطلق انه لا يمكننا أن نتظر طويلا، وهناك مثلا اختلالات، تدعو بإلحاح إلى إصلاح الإصلاح، وتعزيز الايجابيات الميدانية، وحتى لا يصل الإصلاح معوقا إلى زمنه وأهدافه المرجوة، تاركا وراءه السلبيات والضحايا.

وعليه، سنحاول أن نقوم بتقييم أولي للإصلاح، راصدين الإنجازات والاختلالات (مركزين على التعليم الابتدائي الإعدادي والثانوي والتأهيلي إلى حد ما)، من خلال بعض المستويات التي استهدفها الإصلاح، وعلى الخصوص المستوى الإيديولوجي -القيمي، ومستوى نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي، والمستوى البيداغوجي والبحث العلمي والتربوي، ومستوى الرفع من جودة التربية والتكوين، والمستوى التنظيمي والتدبيري، والمستوى المادي والتقني، المستوى البشري.

1- المستوى الإيديولوجي والقيمي:

من المعروف أن التربية والتعليم(المدرسة) جهاز من بين أجهزة الدولة الإيديولوجية، التي من خلالها يتم التحكم في هندسة المجتمع(السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية...)، سواء من أجل التغيير والتقدم أو المحافظة على الأوضاع القائمة والجمود وتكريس التخلف؛ وذلك في إنتاجها لللأطروالبنيات الفوقية ( معارف، قيم، علاقات...).إذن، ما هي المنطلقات الإيديولوجية والقيمية للإصلاح؟وماهي تمظهراتها في منظومة التربية والتكوين؟

حاول الإصلاح الجديد أن يبني منظومة إيدو- قيمية جديدة و قديمة في نفس الوقت؛ فبالإضافة إلى ترسيخ بعض التوابت التقليدية والمحافظة والتي تدخل في باب المقدسات وثوابت الأمة، كالهوية الإسلامية والوطنية، والملكية...عمل أيضا على "تحديث"المدرسة/التعليم من خلا إدخال بعض القيم والمبادئ الحداثية، كالعلم والتكنولوجيات والإعلاميات والمساواة وتكافؤ الفرص و الديمقراطية وحقوق الإنسان والاختلاف والتسامح...أي ما يصطلح عليه بالتربية على التفكير العلمي، والتربية على القيم وحقوق الإنسان..

على المستوى التطبيقي نجح الإصلاح التعليمي، إلى حد ما، في إدماج هذه القيم على مستوى البرامج والكتب المدرسية، رغم هيمنة البعد الأخلاقي المجرد عليها إلى حد كبير، وعدم ربطها تحليليا ونقديا بالاختلالات المجتمعية التي يعرفها المغرب.ومن بين النقط السلبية التي يمكن أن نسجلها في هذا المستوى:عدم وضوح وانسجام المرجعية الإيديو-قيمية للإصلاح؛ فهل يعتمد المرجعية الرأسمالية الليبيرالية؟أم الدينية؟أم الاشتراكية؟أم الوطنية القومية؟ أم يعتمد على كشكول من الإيديولوجيات والقيم؟الذي يكاد يكون واضحا هو اعتماد المرجعية الدينية والمرجعية الرأسمالية،ومتفرقات من مرجعيات أخرى.ما جعل الإصلاح، نصا(الميثاق) وتطبيقا، يكون عرضة لعدة ثنائيات متناقضة، لم يستطيع الحسم فيها ومعها:التعريب/التغريب، التوحيد/التجزيء، التعميم/التخصيص، الحداثة/التقليد، النخبة/العامة، الفقراء/الأغنياء، المركز/الهامش، المركزية/الديمقراطية...

2- نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي

انطلق الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المجال الأول لتحقيق التعليم وربطه بالمجال الاقتصادي من ثلاث دعامات: الأولى تتعلق بتعميم تعليم جيد في مدرسة متعددة الأساليب؛ والثانية، التربية النظامية ومحاربة الأمية،من خلال اعتماد اللامركزية والشراكة ودور الإعلام؛والثالثة، تتعلق بالسعي إلى أكبر تلاؤم بين النظام التربوي والمحيط الاقتصادي،من خلا شبكات التربية والتكوين، وخلق ممرات بين التربية والتكوين والحياة العملية، وانفتاح المدرسة على محيطها وعلى الأفاق الإبداعية، والتمرس والتكوين بالتناوب، والتكوين المستمر.(الميثاق)

فيما يخص تعميم التعلم، حددت المادة28 من الميثاق الجدولة الزمنية لتعميم التعلم كما يلي: تحقيق نسبة

%100 في الدخول المدرسي لشتنبر2002 بالنسبة للأطفال البالغين من العمر 6 سنوات؛ تعميم التسجيل بالسنة الأولى من التعليم الأولي في أفق 2004؛ وسيصل التلاميذ المسجلون في السنة الأولى من التعليم الابتدائي في 1999-2000 إلى نهاية المدرسة الابتدائية بنسبة%90 سنة 2005، وإلى نهاية المدرسة الإعدادية بنسبة %80 سنة2008، وإلى نهاية التعليم الثانوي بنسبة%60 سنة2011، ونيل الباكالوريا بنسبة %40 في أفق20011.أما الأرقام المحققةإلى2005، وكما قدمها الحبيب المالكي:التلاميذ من فئة6-11 سنوات نسبة التعميم%93، والتلاميذ من فئة 12-14 وصلت نسبة التعميم%70.(المالكي، الإتحاد ش)

والملاحظ أن التعميم، وبالمقارنة مع السنوات السابقة على الإصلاح،حقق قفزات مهمة، رغم أن الإصلاح لم يف بمواعده الرقمية بالدقة والكيفية المسطرتين في الميثاق؛حيث،مثلا، لم يتحقق تعميم التعليم الأولي والابتدائي حتى الآن.

ومن الاختلالات التي يمكن تسجيلها فيما يخص التعميم وأرقامه، كونه يهتم فقط بالتسجيلات عند الولوج وغير مبال بنسب الاحتفاظ على الأقل خلال مدة الإلزامية.حيث نسب الهدر والتسرب تزداد استفحالا؛و نلاحظ كذلك الاهتمام الكبير بالكم العددي وذلك على حساب جودة التعلم والتعليم(الاكتظاظ،الأقسام المشتركة،ضعف التجهيزات وفضاءات الاستقبال وعدم كفاية الأطر...)؛ كما نلاحظ أنه"من جهة، هناك نمو ديمغرافي يعد من الأكثر ارتفاعا في العالم...ومن جهة أخرى، هناك عجز الدولة على إنفاق إضافي(وكافي)

على التعليم، وبالتالي عدم قدرتها على الاستجابة الكاملة لطلبات التمدرس المتزايد."(وافي، 2005، ص46).ولهذا، ربما، نجد عدم التطبيق الجدي لإلزامية التعليم ولوجا واحتفاظا.

كما نجد أن الدولة بدلت مجهودات لا بأس بها فيما يخص محاربة الأمية والتعليم غير النظامي ،حيث،مثلا،بلغت أعداد المنتسبين إلى التربية غير النظامية من سنة97/98 إلى2000/2001 إلى 87230 مستفيد.(وافي، 2005 ص91).وقد قلصت نسبة الأمية حسب بعض الإحصائيات الرسمية إلى أقل من%50.أما مسألة ملاءمة النظام التربوي والمحيط الاقتصادي فلا يزال يلفها الغموض وعدم الفعالية!فلا نعلم بالضبط أين توجد هذه الملاءمة في البرامج والمناهج التعليمية؟! ويسجل في مدارسنا غياب البعد التطبيقي والتجريبي العلمي الذي يمكن أن يستثمر مستقبلا في المحيط الاقتصادي؛ فأين هي جودة وعدد المختبرات والمعامل، وإن كانت توجد أصلا، في مدارسنا؟أين وصل خلق شبكات التربية والتكوين والممرات بين التربية والتكوين والحياة العملية، والتمرس والتكوين بالتناوب...؟ونسجل الانفتاح التدريجي للمدرسة على الآفاق الإبداعية، من خلال الحياة المدرسية وبعض المهرجانات والأنشطة المدرسية المحلية والوطنية، وإن كانت غير كافية كما وكيفا.

3-المستوى البيداغوجي والبحث العلمي والتربوي

على المستوى البيداغوجي، يتبنى الإصلاح الجديد مقاربة الكفايات، كبيداغوجيا جديدة بديلة عن بيداغوجيا الأهداف.ومن بين أسباب التبني الرسمي لهذه المقاربة البيداغوجية:الارتقاء بالمتعلم إلى أسمى درجات التربية والتكوين،إذ أن المقاربة بالكفايات تستند إلى نظام متكامل من المعارف و الاداءات والمهارات المنظمة التي تتيح للمتعلم ،ضمن وضعية تعلمية، القيام بالإنجازات والأداءات الملائمة التي تتطلبها الوضعية؛تركيز الأنشطة على المتعلم،وبناء عناصر الوضعية التعلمية التعليمية وفق إيجابية المتعلم،حيث وظائف ومبادئ التعلم تتحدد في اعتبار المتعلم محورا فاعلا لأنه يبني المعرفة ذاتيا(التعلم الذاتي)،واعتبار كل أبعاد شخصية المتعلم العقلية والوجدانية والسيكوحركية ؛اعتبار الطرائق الفعالة(حل المشكلات،المشروع..)وتقنيات التنشيط واستراتيجيات التعلم الذاتي؛ اعتبار المدرس مسهلا لعمليات التعلم الذاتي، وذلك بما يوفره من شروط سيكوبيداغوجية وسوسيوبيداغوجية تتيح التعلم.(بيداغوجيا الكفايات، مصوغة تكوينية ص7).بالإضافة إلى التربية على القيم والاختيار واتخاذ القرار..

ولقد نجح الإصلاح، إلى حد ما، في ترجمة هذه المنطلقات البيداغوجية في البرامج والناهج والكتب المدرسية.غير أنه يمكن لنا أن نسجل بعض الاختلالات في هذا المستوى،حيث هناك ضبابية وغموض فيما يخص مرجعية تحديد بيداغوجيا الكفايات "المغربية" تنظيرا وتطبيقيا؛فهناك من يعتمد المرجعية الأنجلوساكسونية التي تعتبر الكفايات مجرد جيل ثالث من بيداغوجيا الأهداف ليس إلا،وهناك من يعتمد المرجعية الفرانكفونية ذات الخلفيات المعرفية للمدرسة التكوينية والسوسيوبنائية، والمدرسة المعرفية الجديدة Cognitivisme؛مما يجعل بعض الأحيان تختلط الأمور، وفي كل مرة يطرح السؤال: ماهي الكفايات؟!

كما نجد من جهة أخرى، سرعة الإصلاح وعدم مواكبته بالتأطير والتكوين النظري والتطبيقي لجل الفاعلين التربويين الأساسيين؛ كما أن تأليف الكتب المدرسية غالبا لا تحترم بدقة الشروط البيداغوجية الجديدة، مما يجعل بعضها يبتدئ بمدخل نظري للكفايات والبيداغوجية الحديثة، ثم بعد ذلك يضيع في تفاصيل بيداغوجيا الأهداف!وفي الأخير،كيف لنا ان نطبق ببيداغوجيا الكفايات ،كبيداغوجيا حديثة لمدرسة حداثية،وتعليمنا لا زال يتخبط في مظاهر تقليدية،على مستوى البنايات والتجهيزات التربوية والاختلالات البشرية(الاكتظاظ،تناسل الأقسام المشتركة،خصاص في الأطر،تخلف البنايات والوسائل الديداكتيكية التعليمية...).؟!

أما في ما يتعلق بالبحث، فقد كان قد خصص له الميثاق الدعامة11، حيث نص على أن يوجه البحث العلمي والتكنولوجي الوطني أساسا نحو البحث التطبيقي والتحكم في التكنولوجيا وملاءمتها مع دعم الإبداع فيها..وأن ينظم البحث العلمي والتقني بطريقة ترفع من تماسكه وفعاليته، عبر مساهمة أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات في تحديد السياسة الوطنية في مجال البحث العلمي والتكنولوجي، وعبر إعادة هيكلة الوحدات والمراكز العمومية للبحث القائمة من أجل إنشاء شبكات للمهتمين في نفس المجالات، وتشجيع المقاولات للانضمام إليها،؛وعبر توطيد الوجائهinterfaces)) بين الجامعات والمقاولات لترسيخ البحث؛العمل على الرفع التدريجي من الإمكانيات العمومية والخاصة المرصودة للبحث العلمي والتقني،وإمكانية إحداث صندوق وطني لدعم البحث والإبداع يمول من طرف الدولة والمقاولات العمومية والخاصة وهبات الخواص ومنح التعاون الدولي؛كما يتعين نشر كل سنيتين تقرير تقويمي تحت مسؤولية السلطة الحكومية الكلفة بالبحث العلمي والإبداع التكنولوجي.(الميثاق)

ونحن ندخل السنة السابعة من تطبيق الإصلاح، إلى أين وصلت هذه المشاريع/الأحلام الضخمة المتعلقة بالبحث العلمي ومؤسساته؟ أين هو تقرير البحث العلمي لنتمكن من الوقوف على الإنجازات والإخفاقات؟ولا ندري هل يقصد بالبحث العلمي فقط البحث الاقتصادي والتكنولوجي،أم البحث التربوي والبحوث العلمية الإنسانية أيضا؟هل توجد أبحاث علمية تربوية ميدانية أشرفت عليها الدولة لبناء الإصلاح ومسايرته تقييميا وتقويميا؟هذه الأسئلة وغيرها تبقى معلقة وفي حاجة إلى إجابات رسمية لتنوير الرأي العام التربوي والاطمئنان على جدية الإصلاح.ف"التقدم هو العلم الذي يتحول إلى ثقافة"كما يقول" روني ماهو"(مدير سابق لليونسكو)،كيف يمكننا أن نحقق هذا التقدم والتنمية المؤملة،والبحث العلمي و الإنساني والتربوي خاصة،لا زال مهمشا إلى حد كبير في سياساتنا وقراراتنا،فمؤسسات وميزانيات البحث العلمي لا زالت ضعيفة وبدون الفعالية الحقيقية والميدانية،فمثلا،الميزانية المرصودة برسم 2003 قدرت ب%0,79،في حين ومن أجل تفعيل بحث علمي قوي وفعال يلزم على الأقل%3 من الناتج الداخلي الإجمالي.وربما من بين الأسباب الحاسمة في إخفاقات الإصلاحات أنها لا تنطلق من بحث علمي وميداني حقيقي عند صناعة قراراتها وتخطيطاتها الواقعية والمستقبلية.ولماذا،مثلا،لا يتم تشجيع ودعم الكفاءات التربوية التي تعمل في الميدان للقيام بأبحاث ودراسات علمية في حقلهم التربوي،أكيد ستكون فعالة ومفيدة لمنظومة التربية والتكوين،لكونهم يوجدون في الميدان.كما نسجل غياب بنية تحتية مدرسية، على مستوى التعليم الابتدائي خاصة، للتربية على البعد التجريبي والتطبيقي العلمي،وبالتالي التربية على منهجية التفكير العلمي منذ المراحل الاولى من الطفولة؛كما نسجل بأن الغلاف الزمني لمادة النشاط العلمي في السنوات1و2،و 3 و4و5و6 من التعليم الابتدائي،لا تشكل سوى%5,35 من مجموع الغلاف الزمني للمواد المدرسة بالابتدائي.(الصدوقي، الزمن البيداغوجي)

رغم ما يبدل من جهد في هذا المستوى، لا زالت عدة اختلالات قائمة، وربما في تصاعد، أمام بطء وعدم التدخلات الرسمية المتعددة، وأمام غياب الحماس والجدية الكافية لدى الفاعلين والمسئولين أنفسهم.

4- مستوى الرفع من جودة التربية والتكوين

في المجال الثالث من الميثاق، وللرفع من جودة التربية والتكوين، اعتمد الاصلاح6 دعامات لتحقيق ذلك:مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية، استعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية، تحسين تدريس اللغة العربية واستعمالها وإتقان اللغات الأجنبية والتفتح على الأمازيغية،استعمال التكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل،تشجيع التفوق والبحث العلمي،إنعاش الأنشطة الرياضية والتربية البد نية المدرسية والجامعية والأنشطة الموازية.(الميثاق)

في هذا المستوى، يسجل الإصلاح بعض النقط الإيجابية على المستوى التطبيقي، ويمكن إبداء بعض الملاحظات، فبالإضافة إلى تلك المشار إليها سالفا والمتعلقة بالبحث العلمي، هناك عدم تعميم الوسائط التعليمية الحديثة بالنسبة للمتعلمين والمدرسين(الذين يطلب منهم صنع الجودة والمعجزات فقط بالتنائي التقليدي الطبشورة والسبورة!)؛ كما أن اللغة العربية لم تعط لها مكانتها الوطنية والقومية اللائقة في المنهاج التعليمي المغربي ككل، ويكفي ان نشير إلى أن مسألة التعريب لا زالت تطرح بحدة، وإلى أن الغلاف الزمني لمادة اللغة العربية في السنوات 3و4و5و6 من التعليم الابتدائي يشكل فقط%22, 76، بينما اللغة الأجنبية الأولى(الفرنسية تمثل%28, 15 من مجموع الغلاف الزمني للمواد المدرسة في تلك المستويات المشار إليها.(الصدوقي، الزمن البيداغوجي)؛ كما يجب نقارب الجودة في مفهومها الشمولي المتعلق بكل عناصر منظومة التربية والتكوين...

5- المستوى التنظيمي والتدبيري

من أهم منجزات الإصلاح في هذا المستوى، والتي تتعلق بإرساء الأسس التنظيمية والقانونية:مرسوم إلزامية التعليم، تنظيم التعليم الأولي والخصوصي، الأكاديميات الجهوية، مراسيم تدبير نظام التربية والتكوين، مجالس تدبير المؤسسات، تحسين القدرات المؤسساتية والتقنية والتدبيرية، تنمية التعاون والشراكة، القوانين الأساسية لتنظيم التعليم العالي، إحداث المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، أكاديمية محمد السادس للغة العربية، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إطار لتأسيس الجمعيات ذات النفع العام...(المالكي، الاتحاد ش)

رغم هذه الترسانة التنظيمية والتدبيرية المحققة(وغيرها)، فإن أغلب الملاحظين والفاعلين التربويين يسجل أن أغلبها لازال شكليا وتنقصه كثيرا من الفعالية والجدية المامولتين، بالإضافة إلى بطء تأثيراتها الميدانية في المنظومة التربوية، مما يطرح عدة أسئلة حول جدوى وفعالية هذه الهياكل التنظيمية والقانونية.كما يمكننا ان نشير إلى وجوب إعادة النظر في مسألة الإلزامية وفرضها على مستوى الاحتفاظ،وتمديد تطبيقها إلى غاية البكالوريا،حيث الحصول على الأقل على هذه الشهادة وحده الكفيل بتحقيق حياة ثقافية ومهنبة كريمة لدى الأفراد حسب الشروط السوسيومهنية الجديدة،ومتطلبات عصر المعرفة.

6- المستوى المادي والتقني(البنيات التحتية والتمويل)

من إنجازات الوزارة في هذا الإطار: توسيع الطاقة الاستيعابية للمؤسسات بما قدره14687 حجرة إضافية خلال السنتين2000و2005، منها%59للتعليم الابتدائي، و% 30,6 للإعدادي،و%10,9للثانوي التأهيلي(المالكي،الاتحاد ش).ورغم هذا المجهود الواضح فإن التراب الوطني لازال يعرف خصصا فيما يخص التغطية التربوية وتقريب المؤسسات من المستفدين، وخصوصا في الوسط القروي على مستوى الثانوي بنوعيه؛ بالإضافة إلى ملاحظة النقص الكبير للتجهيزات الخدماتيةوالصحيةوالتربوية(الكهربة، الماء الصالح للشرب، المراحيض، الأنشطة الموازية، قاعات المطالعة والمتعددة الوسائط، المختبرات...)

أما على مستوى التمويل، فيمكن الإقرار بالنقص التاريخي الذي يعاني منه قطاع التربية والتكوين من حيث كفاية التمويل. رغم بعض المجهودات المسجلة في السنوات الأخيرة، تبقى الميزانيات المخصصة للتربية والتكوين غير كافية من أجل ربح رهانات التعميم والجودة ورفع تحديات التنمية والمنافسة الدولية، مما يجعل الحوالي%23 المخصصة لميزانية التعليم غير كافية حاليا.فمثلا، ميزانية سنة1981 كانت حوالي%27,8(وافي،2006) وشتان بين التحديات الديمغرافية والمجتمعية لهذه السنة والسنوات الحالية والمستقبلية.ومن بين الاختلالات المسجلة في التدبير المالي للقطاع، نجد تطور نفقا ت التسيير على حساب نفقات الاستثمار، حيث سنة2005 كانت ميزانية التسييرMMDH23،وميزانية الاستثمارMMDH1,5؛وعليه يجب الزيادة في ميزانية الاستثمار وليس على حساب ميزانية التسيير، التي تحتاج بدورها إلى زيادة المناصب المالية،لتدارك اختلالات الموارد البشرية ورفع تحديات الجودة والفعالية الداخلية والخارجية.فالإصلاح والجودة لهما كلفتهما المالية أيضا.

7- المستوى البشري

في هذا المستوى سنتطرق إلى الجوانب الإصلا حية الخاصة بالمتعلمين والأطر التربوية:

يسجل المالكي، كحصيلة للوزارة، أنه تم استهداف التلميذ والطالب من خلال فتح المزيد من الأقسام المدمجة، تحسين الخدمات الاجتماعية، العناية بالداخليات والمطاعم المدرسية والمنح، التطبيب، النقل المدرسي...وتم كذك تحفيز المدرسين، وذلك من خلال الارتقاء بالأوضاع المادية من خلال تفعيل عدة اتفاقيات مع الشركاء الاجتماعيين؛ ففي مرحلة أولى(1998-2002) تمت الترقية في الدرجة بالاختيار، حسب اتفاق فاتح غشت1996، وذك بصفة استثنائية، حيث استفاد63712 موظفا؛ وتنفيدالاتفاق19محرم1421ه، استفاد43873 موظفا؛ وتم كذلك إقرار اتفاقية13ماي 2002 التي تنص على إحداث نظام أساسي جديد والزيادة في التعويضات، سواء منها النظامية أو التكميلية، وكان عدد المستفدين107585 موظفا.وفي مرحلة ثانية(2002حتى الآن) فقد تم تفعيل بنود اتفاق13 ماي 2002، وذلك مباشرة بعد صدور مرسوم النظام الأ ساسي الخاص بالتربية، وكذلك المراسيم المتعلقة بالزيادة في التعويضات؛ وتم كذلك التوقيع على اتفاقية 28 يناير2004 لإدخال تعديلا ت على النظام الأساسي قبل الشروع في تنفيذه، كما تم التنصيص على الترقية الاستثنائية للمستوفين لشروط الترقي إلى غاية31دجنبر2002؛كما انه حسب اتفاق 14 دجنبر 2005،تمت تسوية وضعية أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي،حيث سيتم ترقية حولي 8066 أستاذا إلى السلم11. وحسب الاتفاقيات السابقة، الممتدة من نوبر2002 إلى31 دجنبر2005،تم إنجاز ما يفوق 108000 ترقية و12000 في طور الإنجاز؛كما تمت تسوية ملف المعلمين العرضيين،وتم ترسيم6494 عونا مؤقتا برسم سنوات200و2003و2004و2005؛كما تمت تسوية وضعية الناجحين في الامتحانات المهنية برسم2000و2001، وتسوية ملف الموقوفين والمطرودين لأسباب سياسية.(المالكي، الاتحاد ش).

رغم هذه المجهودات المسجلة، يمكن الإدلاء يبعض الملاحظات،حيث لا زالت عدة ملفات لأطر التربية والتكوين تحتاج إما للتسوية أو التسريع ،أو للعدالة وتكافؤ الفرص في مقاربتها وتقنينها،كما ان العديد من التسويات لا ترضي أغلب المعنيين(ملف بعض أساتذة التعليم الاعدادي،مثلا،بعض القوانين الأساسية...)، هزالة الأجرة والتعويضات أمام الارتفاعات الصاروخية اليومية لكلفة العيش، إذ تصبح المطالبة بتطبيق السلم المتحرك للأجور أكثر إلحاحية، تدهور وتدني شروط العمل المهنية والاجتماعية،خصوصا لدى العاملين في الوسط القروي(السكن،النقل،التعويض عن العالم القروي..).أما المتعلمين هم أنفسهم لازالوا يعانون من هزالة الإطعام المدرسي كما ونوعا وتوقيتا، بعد المدرسة عن السكن، قلة وهزالة المنح عددا ومبلغا، ضعف الإيواء الداخلي جودة وعددا، فقر أو غياب التجهيزات والبنيات التربية الترفيهية والتثقيفية، خصوصا الحديثة منها...

خاتمة

في الأخير، نظن جازمين، أننا لم نتطرق لكل مستويات ومجالات الإصلاح التعليمي الجديد، ربما لازال هناك نقص على مستوى رصد الإنجازات والاختلالات.ونود أن نختم ببعض الخلاصات المهمة التي توصل إليها تقرير الخمسينية فيما يخص الاختلالات الأساسية، وربما التاريخية، للإصلاح التعليمي بالمغرب؛ ومنها، الإخفاق في مجال محاربة الأمية، حيث يتضاعف عدد السكان الأميين، إذ انتقل ما بين سنتي 1960و2004، من 6 ملايين إلى12,8مليون، و البرنامج يتعهد فقط بحوالي 141000 مستفيد فقط؛وتظل الوسائل المعبأة هزيلة بالنظر إلى الأعداد المتزايدة للاطفال الذين يغادرون المدرسة،حيث يقدر عددهم بحوالي مليوني طفل.وهناك ضعف القدرة الإدماجية للمنظومة التربوية، حيث تظل أعداد كبيرة من أطفال المغرب خارج المسار الدراسي، وخصوصا أبناء الفقراء والقرويين.تعثر الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية للمنظومة التربوية، والتي تدل عليها بطالة حاملي الشهادات التي تزداد حدة واستمرارا.التقهقر التدريجي للمردودية الداخلية للتعليم واللاتمدرس واستفحال التسرب والهدر بدون تأهيل، حيث من بين3تلاميذ من4 من بين الذين يغادرون المنظومة التربوية كل سنة هم بدون تأهيل، أي غير حاصلين شهادة الباكلوريا أو شهادة في التكوين المهني.وهناك أيضا التدبدب في تدبير السياسة اللغوية، التي من تجلياتها:الخيبة اللغوية، والفجوة اللسانية،والفقر اللغوي،وانعدام الأمن اللغوي...(المغرب الممكن).كما يمكننا أن نظيف إخفاق الإصلاح في حل إشكالية التعريب والتوحيد التي ظلت مأجلة منذ إصلاح 1957، وهناك أيضا غياب الديمقراطية والحكامة الجيدة، واستشراء مظاهر الفساد ونهب هدر المال العام...
ومن أجل مغرب ممكن "فإن قابلية المنظومة التربوية للإصلاح تشكل اليوم موضوع رهان حاسم؛ ذلك أن هذه المنظومة التي أضحت تتسم بالتعقيد وبعدد من مكامن القصور، من شانها أن تجعل من الإصلاح مهمة صعبة ومتشعبة، ولا سيما إذا ما تم الاستمرار في النظر إلى الإصلاح من زاوية المقاربة التاريخية، التي سادت حتى الآن، وإذا ما ظلت قيادة المنظومة ونظام تدبيرها على حالتها الهشة وغير الملائمة...وفي غياب تحديث عميق للإدارة وإعادة التأهيل الشامل لهيأة المدرسين(والمؤطرين والمسؤولين) سيكون من الوهم المراهنة على وثائق الإصلاح وحدها، المنجزة بدورها وفق منطق خطي أفقي تنازلي..."(المغرب الممكن)./.           محمد الصدوقي
.....................................................................


الاثنين، 20 أبريل 2015

البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط 


– البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط 
تقديم:
إن الفروق الفردية تنبع من طبيعة الاختلاف الذي أوجده الله تعالى في البشر، ونوعه في الطاقة
والتحمل والاستيعاب والقدرات التحصيلية والأدائية والتواصلية للفرد، وهو اختلاف طبيعي و
مكتسب في آن واحد؛ فالطبيعي يعود إلى طبيعة وبنية الفرد البيولوجية، وفسيولوجية هذه الطبيعة
وتلك البنية، ومدى إمكاناتها الطبيعية في أداء وظيفتها على الوجه الأكمل. في حين المكتسب
من الفروق الفردية يعود إلى التنشئة الاجتماعية والثقافية والحالة المادية والمعنوية للفرد كما للمجتمع
والأسرة، ولست في حاجة إلى تعداد نماذج من هذه الفروق، فيكفي مثلا أن الفرد الذي يعيش
في أسرة ميسورة ومثقفة ومنفتحة على محيطها الاجتماعي... غير الفرد الذي يعيش في أسرة على
نقيض الأولى، فتم فروق فردية تظهر في مستوى التواصل وطريقة التفكير وتمثل العالم الداخلي للفرد
و العالم الخارجي عنه .ومنه الفروق الفردية طبيعية في التربية والتعليم، بل تم استحضارها مع نظريات
التربية الحديثة، وأصبحت جزءا من الأداء الصفي لا يمكن الاستغناء عنها في تحصيل جودته،
كما أنها مكون من مكونات نظريات علم النفس المعرفي. ومفهوم من مفاهيم التدريس بالكفايات
حاضر بقوة فيها. لهذا كان من الضروري التعاطي مع هذه البيداغوجيا نظريا وتطبيقيا في التكوين
الأساس للأستاذ، حيث نلمس الفروق الفردية في جماعة القسم بكل وضوح عندما ندرس، فهذا
يكتسب المعرفة والقيم والسلوكات والأداءات بوثيرة أسرع أو إيقاع تعلمي أسرع من الآخر، وذاك
يبدي رغبة إلى تعلم مادة بعينها مقابل نفور الآخر منها؛ وبالتالي حتى نحقق تعلما متوازنا يراعي
كل فرد على حدة أو على الأقل يراعي مجموعة أفراد على حدة لابد من أن نوظف في أدائنا
البيداغوجيا الفارقية. وعليه فإن أهمية هذه البيداغوجيا تنبع من مراعاتها لقدرات وكفاءات كل
متعلم على حدة وتسير وفق حالته الفردية، فهي بمفهوم آخر متقدم عبارة عن تربية وتعليم تفريدي
يستحضر الفرد كتميز داخل الجماعة يتكامل معها بخصوصياته البيولوجية والفسيولوجية والأدائية
والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية والعقائدية.
ويعبر عن الفروق الفردية بأنها ( الانحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة،
فهي بهذا المعنى مقياس علمي لمدى الاختلاف القائم بين الناس في صفة مشتركة وهكذا يعتمد
مفهوم الفكرة على مفهومي التشابه والاختلاف، والتشابه النوعي في وجود الصفة والاختلاف الكمي
(- X X ) في درجات ومستويات هذه الوجود ) ويعبر عنها إحصائيا بالبعد عن المتوسط الحسابي
سواء في الاتجاه الموجب أو في الاتجاه السالب كما سنرى لاحقا. وهي فروق فردية يجب
التعاطي معها من منطلق الأسس التالية:
1 ) النظر إلى الفروق الفردية بين الناشئين على أساس كونها أمرا طبيعيا، وهي تشمل جميع نواحي
2
الشخصية .فكما يلاحظ اختلاف الأفراد في الوزن والطول، والنضارة والشحوب، والسمنة
والنحافة، فيجب ألا يستغرب الآباء والمربون وجود الفروق الفردية في الذكاء وغيره من
الاستعدادات العقلية، وفي الميول والهوايات، وفي السمات المزاجية كالانطواء والانبساط،
والانفعال والرصانة، ونحو ذلك.
2 تتصف بعض الفروق الفردية بالصفات الوراثية، وبعضها يتأثر بتأثير البيئة والظروف الاجتماعية
المحيطة بالفرد، ونوع التربية التي يتلقاها، وإذا كان من الصعب التحكم في العوامل الوراثية
العوامل الوراثية لم تعد مع علم الوراثة مشكلة  فإنه يمكن التحكم في العوامل المكتسبة بإخضاعها
للتغيير والتعديل. وهو ما يحمل الآباء والمربين حسن والرعاية بالناشئين كل حسب مستواه
وقدراته وميوله واتجاهاته، قدر الإمكان، وبما يساعده على استكمال نمو شخصيته المتكاملة
الجوانب.
3 إن وجود الفروق الفردية من الخصائص البشرية الهامة التي جعلها الله عز وجل وسيلة بناءة لتنويع
وتطوير الحياة وتقدمها واستمرارها، فالحياة لا تستقيم إذا كان حظ الناس أجمعين واحدا من حيث
درجة الذكاء والقدرات والميول والمواهب والهوايات والمزاج والعواطف، وغيرها. ولابد من مراعاة
الفروق الفردية وحسن تنميتها وتكاملها مهما كان مستواها وتوظيفها لخير الفرد والجماعة وبما يحقق
لهما الأهداف والغايات المشتركة في الحياة.
4 من أهم واجبات الآباء والمربين التعرف على الفروق الفردية لدى أبنائهم واكتشافها أثناء التعليم
واللعب والنشاط الترويحي، وتمكينهم من تنميتها وصقلها حتى يحققوا أقصى قدر ممكن من
الجودة والإتقان والإبداع.
5 لابد من تحديد طبيعة الفروق الفردية، والعوامل المؤثرة فيها وراية كانت أم مكتسبة، وكيفية
قياسها بغية مراعاة قدرات وإمكانيات واستعدادات الأفراد المتنوعة في البرامج ومناهج التعليم والتربية
)
تعريف البيداغوجيا الفارقية:
هناك عديد من التعاريف الاصطلاحية لهذه البيداغوجيا نورد منها مثلا لا حصرا:
1 " إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل التعليم متكيفا مع الفروق الفردية بين المتعلمين قصد
جعلهم يتحكمون في الأهداف المتوخاة " وهذا التعريف هو تقني يركز على الإجراءات والعمليات،
وبذلك ضيق مساحة تحركه وحصرها فيما إجرائي.
2 " البيداغوجيا الفارقية هي بيداغوجيا المسارات تسمح بإطار مرن؛ حيث التعلمات متنوعة
وواضحة وبائنة من أجل أن يكتسب المتعلمون/التلاميذ المعرفة أو المعرفة الفعل وفق مساراتهم
3
الخاصة " وهذا التعريف هو أكثر توسعا وشمولية من الأول، حيث تعلق بالمسار التعلمي الفردي
للمتعلم المبني على معطيات ذاتية وخارجية وعلى المتغيرات الفردانية، كما يقوم حيثيات التعلمات
التي تقوم بدورها على المعرفة ومعرفة الفعل بما فيها التقنيات .
وهي بهذا التعريف حسب هالينة برزمسكي يمكن أن تتحدد ك:
" بيداغوجيا فردانية تعترف بالتلميذ شخصا له تمثلاته وتصوراته الخاصة بالوضعية
التعلمية/التكوينية.
 بيداغوجيا متنوعة تطرح مسارات تعلمية تستحضر خصوصيات كل متعلم، تتنافى بهذا
الاستحضار مع قولة التوحيد وتماهي الكل في أداء العمل بنفس الإيقاع والوثيرة، وفي نفس المدة
الزمانية، وبنفس الطريقة والنهج...
 بيداغوجيا مجددة لشروط التعلم/التكوين؛ لفتحها أقصى أبواب ومنافذ لأقصى عدد من
المتعلمين/ التلاميذ "
ويمكن طرح تعريف إجرائي للبيداغوجيا الفارقية على الشكل التالي:
( البيداغوجيا الفارقية هي البيداغوجيا التي تهتم بالفروق الفردية ضمن سيرورة التعلم وتعمل على
تحقيق التعلم حسب تلك الفروق بمعنى أنها تغطي المتوسط الحسابي والبعد عنه في الاتجاه
الموجب والاتجاه السالب ).
وهي وفق هذا التعريف تقوم على:
 الفروق الفردية المتنوعة التي تمس شخصية المتعلم.
 سيرورة التعلم.
 تحقق التعلم عند المتعلم حسب معطياته الفردية.
 تغطي ثلاث فئات على الأقل هي فئة المتوسط الحسابي، وفئة البعد عن المتوسط الحسابي
الموجب، فئة البعد عن المتوسط الحساب السالب.
3 " مقاربة تربوية تكون فيها الأنشطة التعليمية وإيقاعاتها مبنية على أساس الفروق والاختلافات
التي قد يبرزها المتعلمون/المتعلمات في وضعية التعلم. وقد تكون هذه الفروق معرفية أو وجدانية أو
سوسيو  ثقافية وبذلك فهي بيداغوجيا تشكل إطارا تربويا مرنا وقابلا للتغيير حسب خصوصيات
المتعلمين والمتعلمات ومواصفاتهم " ، وهذا التعريف مستقى من هالينة برزمسكي
4
.
أنواع البيداغوجيا القائمة على الفروق والاختلاف:
يميز التربويون بين ثلاثة أنواع من البيداغوجيا التي تقوم على الاختلاف والفروق الموجودة بين
المتعلمين والمتعلمات كالتالي:
pédagogie variée * )البيداغوجيا التنويعية
وهي التي تستعمل فيها طرائق وتقنيات تتنوع حسب عنصر الزمان؛ أي أنها تعتمد على أنشطة
تتنوع من فترة إلى أخرى ومن حصة إلى أخرى. وتبعا لهذه المقاربة، فإن الدرس أو الهدف التربوي
يقدم باعتماد تقنية ما، ثم يقدم بعد ذلك، الدرس أو الهدف التربوي بتقنية أخرى، وهكذا..
pédagogie diversifiée •بيداغوجيا المداخل المتعددة
وهي المقاربة التي يقدم فيها نفس الدرس ويحقق نفس الهدف التربوي باستعمال تقنيات مختلفة
بكيفية متزامنة.
pédagogie différenciée •البيداغوجيا الفارقية
وهي المقاربة التي تشمل، بالإضافة إلى الممارستين الأوليين، على التنويع في محتويات التعلم؛
أي أن هذه البيداغوجيا لا تحاول فقط التنويع في التقنيات والوسائل عبر الزمان أو لتحقيق الهدف
نفسه في وقت واحد، وإنما تسعى كذلك إلى تنويع محتويات التعلم داخل الصف، ومن ثمة
فإنها مقاربة تعتمد على التنويع في الطرائق وفي المحتوى معا ) .
منطلقات البيداغوجيا الفارقية
تنطلق البيداغوجيا الفارقية من الفروق الفردية الذاتية الطبيعية والمكتسبة، مثل:
 الفروق الفردية الذاتية الطبيعية البيولوجية والفسيولوجية كالبنية الجسمية وخصائصها ووظيفتها،
حيث يتأثر تعلم المتعلم بشكل وخصائص ووظائف بنيته الجسمية، فعلى سبيل المثال تلعب
سلامة البنية الجسمية والعقلية دورا هاما في التعلم؛ في مقابل إعاقتها التعلم عندما تكون غير سليمة
بمعنى مريضة، ولعل ذوي الحاجات الخاصة دليل على دور البنية الجسمية والعقلية في التعلم..
 الفروق الفردية الذاتية المكتسبة من ثقافة وأنماط التنشئة الاجتماعية، والوضع الاقتصادي والمركز
الاجتماعي، وطبيعة المحيط الأسري والاجتماعي.. لها دور هام في البيداغوجيا الفارقية من حيث
أنها عوامل خارجية تؤثر بشكل مباشر في التعلم، وتضفي التمايزات على المتعلمين..
 الفروق الفردية المعرفية الناتجة عن اختلاف المتعلمين في اكتساب المعرفة التي تنتجها المؤسسة
التعليمية، وتمثلاتهم لهذه المعرفة، وطريقة اكتسابهم لها، وسترجاتهم في ذلك، وطريقة استحضارها
والتعامل معها وتوظيفها..
5
 الفروق الفردية السيكولوجية ) النفسية ) الناتجة عن اختلاف المتعلمين نفسيا من حيث الشخصية
وطبائعها ومميزاتها، من تقبل ودافعية وإرادة وصبر واهتمام وإبداع ..
 الفروق الفردية المجتمعية النابعة من اختلاف مجتمعات المتعلمين، وطريقة تفكير هذه المجتمعات
ولغاتهم وتقاليدهم ونظرتهم للحياة وللآخرين ..
 الفروق الفردية الاقتصادية، والإمكانيات المتاحة لدى المتعلمين، التي تساعدهم على التعلم،
وتمكنهم من تحقيق رغباتهم..
التأطير النظري للبيداغوجيا الفارقية:
ينبع التأطير النظري لهذه البيداغوجيا من منطلق أن الفروق الفردية هي فروق طبيعية ترجع إلى تباين
الجنس البشري في الطاقة والمكونات والأداءات، وفي قابليته للتربية والتنشئة الاجتماعية والتواصل
الاجتماعي.. كما ترجع إلى الإيمان بمبدأ الاختلاف وحق التميز في إطار التكامل الجماعي ضمن
حفظ حق تكافؤ الفرص في التعلم واكتساب المهارات والقدرات والكفايات من أجل ممارسة
وظيفة اجتماعية معينة.. بجانب الانطلاق من هذه الفروق الفردية لتحقيق التنوع والثراء المجتمعي
لتلبية حاجات الفرد والمجتمع على حد سواء..
وتجد البيداغوجيا الفارقية جذورها النظرية في علم النفس المعرفي الذي يؤكد على حضور
الخبرات الحسية للمتعلم، وعلى التفاعلات الاجتماعية، وعلى النضج، وعلى التوازن المعرفي؛ من
حيث ( ينبغي أن تتضمن لتربية الجيدة تقديم مواقف للطفل بحيث يجرب ويختبر بنفسه،
وتجريبه بنفسه يساعده على أن يتلمس بنفسه ماذا يحدث، وأن يعالج الأشياء والرموز، وأن يثير
السؤال والبحث عن جوانب أخرى، وأن يوفق بين ما يتوصل إليه في مرة أخرى تالية، وأن يقارن
بين ما يجده من نتائج الأطفال من نتائج ( ..، ومن منطلق استحضار المتعلم ذاتا مستقلة عن
الذوات الأخرى، ومتميزة عنهم نبع التعليم المبرمج الذي يستخدم بقوة البيداغوجيا الفارقية..
لماذا البيداغوجيا الفارقية؟
سؤال مشروع خصوصا في ظل التدريس بالكفايات، حيث نجد هذه البيداغوجيا تغطي
التباعدات بين المتعلمين في التعلم؛ خاصة مع وجود تباين في أفراد جماعات القسم من ناحية
الخصائص والخصوصيات التعلمية، فهي معنية بوضع الفروق الفردية في حسبان العملية التعليمية
التعلمية من ناحية السترجة الأدائية والتحصيلية، ومن ناحية أنشطة التعلم التي تراعي إمكانيات كل
متعلم على حدة، وهي بذلك تحارب الفشل الدراسي وتعمل على نجاح التدريس حسب
معطيات كل حالة وإيقاعات تعلمها.. بل تدخل الدعم الخاص من بابه الواسع..
6
فالبيداغوجيا الفارقية هي التي تضع كل متعلم في سكته المناسبة لسرعته التعلمية، وفي ظلها نجد
كل يتعاطى المعرفة والقيم والمهارات حسب طاقته وجهده وزمانه.. ومنه فإن الكفايات تركز عليها
كثيرا في تحققها عند المتعلم.
كما نجدها تمكن المتعلم من معرفة قدراته الخاصة ومميزاته الشخصية وسبل توظيفها في تعلمه
لتحويلها إلى كفايات خاصة به قابلة للتوظيف في وضعيات أخرى، وصالحة للاستثمار وفق حالته
الخاصة؛ بجانب تحفيز المتعلم على التعلم الذاتي انطلاقا من ثقته في قدراته ومهاراته وكفاياته
ومعرفته وقيمه وسلوكاته التي تؤهله من جهة أولى للاندماج الاجتماعي في النسيج المجتمعي،
ومن جهة ثانية تؤهله لممارسة وظيفة معينة في مجتمعه بما يضمن استقلاليته وتميزه في هذا الكل..
ذلك أن التعليم الجيد هو الذي يتحول إلى تعلم ذاتي حسب الاتجاه التربوي الجديد في التربية
والتعليم، الذي يؤمن بأن المتعلم الذي يعلم نفسه بنفسه في ظل توجيه الأستاذ له، هو أمتن تعلما
وأداء من المتعلم الذي يعتمد كلية على إنجازات الأستاذ، حيث " أن تعلم المهارات الحركية
يقتضي أن يقوم المتعلم بأداء هذه المهارات بالفعل، وأن يتدرب عليها حتى يتقنها. وليست
الممارسة العملية مهمة فقط في تعلم المهارات الحركية، بل إنها مهمة أيضا في تعلم العلوم النظرية،
وفي تعلم السلوك الخلقي والفضائل والقيم وآداب السلوك الاجتماعي. فإن أداء الفرد بنفسه لما يريد
أن يتعلم يساعد على سرعة التعلم وإتقانه .
- البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط - 2
بعض أهداف البيداغوجيا الفارقية:
تسعى البيداغوجيا الفارقية إلى تحقيق جملة من الأهداف والأساسيات عند المتعلم كما في
الممارسة التعليمية التعلمية؛ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 تحقيق الاستقلال الذاتي للمتعلم مبادرة وقرارا وممارسة، من خلال وضع مؤهلاته وقدراته
في الحسبان التعليمي، والانطلاق منها في تعلماته وأداءاته، مما يؤدي بالمتعلم إلى الثقة بالنفس،
وإلى إبداء الرأي بحرية، والدفاع عنه عبر الحجاج، وإلى اتخاذ القرارات المناسبة اتجاه القضايا
والإشكاليات التي تعترضه في التعلم أو تشكل موضوع تعلماته، وإلى إبداع المقاربات المناسبة
لتناول تلك القضايا والإشكاليات.
فالبيداغوجيا الفارقية تمكن المتعلم في هذا السياق من التقويم الذاتي، الذي يسمح له بالتعرف على
7
حقيقة إمكانياته الفكرية والأدائية والسلوكية.. والتعرف على ما تحقق لديه من الكفايات والقدرات
والمهارات والمعارف ..وما لم يتحقق منها لديه، حيث يعمل في إطار التعلمات والمناشط الفارقية
على تحقيقها والتمكن منها، كما تمكنه من تقدير المسؤولية وتحملها بكل موضوعية. فهي بهذا
ذات طابع تجديدي مستمر يمركز المتعلم مركز العملية التعليمية التعلمية، حيث توفر له ما يحتاجه
من تعلمات وقيم ومهارات وقدرات وكفايات وسلوكات مناسبة لمعطياته المتنوعة، لينمو بصورة
طبيعية نحو تحقيق ذاته واستقلاليتها عن طريق خبرته وتجربته الذاتية في التعلم.
2 تحقيق التفاعل الاجتماعي والتواصل البيني في جماعة القسم انطلاقا من الطبيعة الاجتماعية
للكائن البشري، بالإضافة إلى شروط وحاجيات الاجتماع الإنساني في المجتمع. فالبيداغوجيا
الفارقية تسمح للمتعلم بالتفاعل مع أعضاء جماعة القسم، في إطار أداء التعلمات الموكولة إليه،
بمعنى إنجاز المهمة التي أسندت إليه عنصرا في مجموعة من المتعلمين، حيث مهمته تلك تخول
له الحق في إبداء الرأي والاستماع للرأي الآخر ولو كان مخالفا واحترامه وتقديره؛ فهي تحقق
للجميع الإحساس بذواتهم المستقلة المتضامنة في الكل، والتعاطي الجماعي للتعلمات من منطلق
تكامل المتعلمين في تحقيق الأهداف المتوخاة من التعلم. مما يسمح لهم بتطوير معارفهم
ومكتسباتهم واجتماعيتهم ..من خلال المناقشة وإبداء الرأي وتقديم الطروحات المناسبة. فهي من
وجهة نظر علم التواصل تعد منبع التواصل بين أعضاء المجموعة، إذ تمكنهم من اكتشاف قواعد
التواصل الاجتماعية والثقافية المبنية على اكتشاف أحاسيس الآخرين وأفكارهم والدخول معها في
الحوار والنقاش والتقبل مع الانسجام وفق المشترك بينها دون التسلط والقهر بل في إطار الندية
والتساوي في التعاطي معها.. فالمجموعة بطبيعتها الاجتماعية والتعليمية التعلمية هي ( فضاء لتعويد
التلاميذ على اتخاذ القرار، وبالتالي فهي فضاء لتحمل المسؤولية وللترشد الذاتي، وبذلك تصبح
منظومة قادرة على تفعيل القدرات الكامنة وعلى تعديها في آن
والبيداغوجيا الفارقية منوط بها تحريك العلاقات الاجتماعية والتواصل بين أفراد جماعة القسم،
لأنها ذات طابع تعاوني اجتماعي منفتح، تستفيد فيه من طبع المتعلم الاجتماعي، الذي هو في
حاجة ماسة إلى التعاون والتشارك في بناء المعارف، وفي إنجاز الأداءات التعلمية من خلال
التفاعل الفكري والمهاراتي والعلمي والعملي.. وبالتالي هذه البيداغوجيا هي بيداغوجيا اجتماعية
تفاعلية.
3 تفعيل العلاقة بين أطراف المثلث التعليمي ( الأستاذ، المتعلم، الموضوع ) انطلاقا من كون
المتعلم ذات عارفة مرتبطة بطرفي الفعل التعليمي: الأستاذ والمادة المدرسة. فالعلاقة بين المتعلم
والأستاذ تتميز في ظل هذه البيداغوجيا بخصوصية تقدير الأستاذ لذات المتعلم محورا لفعل
التعليم، وتقدير المتعلم للأستاذ من منطلق أن هذا الأخير هو محرك فعل التعليم إلى فعل التعلم
اتجاه المتعلم، وبذلك يدخل الاثنين في علاقة مشتركة تتوخى تحقيق التعليم والتعلم في أفق
8
وظيفة المؤسسة التعليمية. وهي تولد مجموعة من الروابط الروحية والعلاقات الإنسانية متشبعة
بالانفعالات والأحاسيس المختلفة التي توطد تلك العلاقات أو توترها وتشنجها.
وأما العلاقة بين المتعلم ذاتا عارفة ومادة الدراسة موضوعا للتعلم، فتنحو إما نحو المسافة بين الذات
والموضوع أو إما نحو الإسقاط والتفاعل بين الذات والموضوع. لكن في المدرسة الابتدائية كثيرا
ما لا توجد تلك المسافة الفارقة بين الذات والموضوع كما هي في العلوم الطبيعية أو الحقة بقدر ما
يوجد التلاحم بين ذات المتعلم والموضوع، في منحى فتح آفاق جديدة أمام الفهم، وأمام إجرائيته
وإن عد هذا التلاحم عند بعض المفكرين عائقا معرفيا ينحو نحو إسقاط الذات على الموضوع.
والبيداغوجيا الفارقية تولد ذلك التلاحم من خلال خلق الموضوع المناسب للمتعلم المناسب وفق
وتيرة التعلم الذاتية لكل متعلم أو مجموعة من المتعلمين. فهي بهذا تعد محركا رئيسا للمثلث
التعليمي. وتضمن للمتعلم أن يدرك الموضوع بالقدر الذي يتحرك إليه ويطلق العنان والحرية لآلية
الاندماج التلقائي بين الفعل والانفعال حسب ميرلو بونتي ( فالعالم ذو دلالة حركية بالنسبة للإنسان
الطبيعي بينما يظل العالم ذا دلالة عقلية أو مجردة عندما يتتبع باهتمام وتأن بالغين صيرورة اندماج
الفعل بالانفعال
.
4 تكييف التعلمات والمقاربات وفق الفروق الفردية بين المتعلمين، في المناحي العقلية والجسمية
والقدرات والكفايات والميولات والرغبات والاستعدادات.. حتى تحقق مبدأ تكافؤ الفرص
ودمقرطة الفعل التعليمي ومراعاة تعدد الذكاءات داخل جماعة القسم انطلاقا من عدم تجانسها،
وخلق التنوع فيها بناء على تنوعها الأصلي المبني على مكتسبات المتعلم السابقة؛ ذلك أن " النمو
يتوقف على تعلمات الطفل السابقة والتعلم يتوقف على مستوى النمو الذي وصل إليه الطفل . "
فالبيداغوجيا الفارقية تعمل على تحويل تكافؤ الفرص والدمقرطة إلى قيم اجتماعية وثقافية مدمجة
في شخصية المتعلم ومكون من مكونات بنيته العقلية، لا يستسيغ دونهما في التعاطي مع التعلم أو
مع الحياة ككل، ومن تم تحويلها إلى قيم متداولة وقابلة للتصريف في المجتمع كما في المؤسسة
التعليمية.
5 تحقيق الأداء التعلمي والكفايات والقدرات والمهارات والقيم والسلوكات المقررة بأقل جهد،
وبأقل وقت، وبأقل تكلفة؛ حسب كل متعلم على حدة أو حسب مجموعة من المتعلمين
ضمن إطار المرونة المنوعة الهادفة.
فالبيداغوجيا الفارقية في انطلاقها من الفروق الفردية تحقق الجهد والوقت والتكلفة الأقل، لأنها
ترعي خصوصيات كل فرد أو مجموعة من الأفراد، وبذلك في بيداغوجيا هادفة دون هدر أو
تخبط أو ضبابية.
اعتبارات فارقية:
9
إن البيداغوجيا الفارقية تعتمد فيما تعتمد على:
1 تفاعل مكونات الفعل التعليمي التعلمي من جماعة القسم والأستاذ والمعرفة والمؤسسة التعليمية
انطلاقا من أداء كل مكون وظيفته المنوطة به ضمن هذا الفعل.
2 عدم تجانس جماعة القسم انطلاقا من طبيعة الاختلاف الحاصل فيها في المناحي المختلفة.
3 عدم تكافؤ المدرسين في الأداء التعليمي انطلاقا من طبيعة الاختلاف النابع من التكوين
الأساس، ومن التكوين الذاتي، ومن الانتماء السوسيوثقافي، والاقتصادي.. ومن الممارسة
والتجربة والخبرة الميدانية..
4 البرامج التعليمية للمؤسسة التعليمية الموضوعة سلفا وفق تصور فلسفي وسياسي واجتماعي
وثقافي معين، يتوخى غايات وأهداف محددة ومقصودة لذاتها، معلبة في علب التعليم والتربية
والتكوين، ملفوفة بالصالح العام، عمقها قد يتناقض مع سطحها..
5 المؤسسة التعليمية بنية اجتماعية قابلة للتوظيف في التنشئة الاجتماعية ضمن رسمية وظيفتها
التعليمية والتكوينية، بمعنى الاعتماد عليها في تصريف الشحنات التعليمية وفق الفروق الفردية
لخلق نماذج معادة الإنتاج..
6 تفييء جماعة القسم على الأقل في مجموعات متنوعة إن لم تأخذ البيداغوجيا بالتعليم
التفريدي، وتخصيص كل فئة بتعلمات محددة ومعينة ومعدة حسب معطيات كل مجموعة على
حدة..
7 طرق تنشيط المجموعات الكبرى والصغرى، وعلى البرمجة الدقيقة للتعلمات المبنية على
المكتسبات المعرفية والمهاراتية والأدائية السابقة اتجاه التعلمات الجديدة..
8 الأستاذ منشطا وفاعلا في جماعة القسم، وقائدا لها، يمتاز بالتعاطي الجيد معها ضمن خلقه
لمجال التفاعل والتواصل بين مكوناتها..
المقتضيات الثلاثة للفارقية
La différenciation des processus d 'apprentissage : 1 ) فارقية مسارات التعلم
يوزع التلاميذ إلى عدة مجموعات تعمل كل واحدة منها، في آن واحد، على نفس الهدف أو
الأهداف وفق مسارات مختلفة وضعت عبر ممارسات متنوعة للعمل المستقل: التعاقد، شبكة
للتقويم الذاتي التكويني، مشروع .. إلخ.
10
تحدد فارقية المسارات عبر التحليل المسبق والدقيق، قدر الإمكان، لعدم تجانس التلاميذ.
La différenciation des contenus d'apprentissage : 2 فارقية مضامين التعلم
يوزع التلاميذ إلى عدة مجموعات تعمل كل واحدة منها في آن واحد على مضامين مختلفة يتم
savoir تحديدها في صيغة أهداف معرفية و/أو منهجية ( معارف  فعل ) و/أو سوسيو  وجدانية
ويتم اختيار هذه الأهداف في النواة المشتركة للأهداف المدمجة من لدن الفريق - être .
البيداغوجي أو المدرس، وتعتبر كمراحل ضرورية للوصول إلى المستوى الذي تفرضه المؤسسة.
وتحصر هذه الأهداف فيما بعد بواسطة تشخيص أولي يكشف عدم التجانس فيما يخص النجاح
والعراقيل التي تعترض النجاح.
La différenciation des structures : 3 فارقية البنيات
يوزع التلاميذ إلى عدة مجموعات في بنيات القسم، لأنه لا يمكن القيام بفارقية المسارات
لكن هذا الإجراء des sous - groupes. والمضامين دون تقسيم التلاميذ إلى مجموعات فرعية
يؤسس إطارا أجوف وبدون مفعول في نجاح التلاميذ، إذا لم نعتمد بيداغوجيا فارقية... في حين
أنه من الأكيد أن مجرد القيام بفارقية البنيات يسمح للتلاميذ بتعرف أنواع أخرى من التجمعات
وأماكن أخرى ومنشطين آخرين، يولد تفاعلات اجتماعية جديدة تؤدي إلى ردود أفعال بناءة
بالنسبة للتعلم المطلوب.
فحتى وإن كانت ظروف المؤسسة، من حيث مواردها البشرية والمادية، لا تسمح بتفجير بنية
القسم إلى بنيات أخرى أكثر مرونة، فينبغي على المدرس، على الأقل، أن يقسم تلاميذه إلى
مجموعات فرعية لكل واحدة منها مهمة مختلفة .
ضروريات أساسية لتفعيل البيداغوجيا الفارقية:
لتفعيل البيداغوجيا الفارقية لابد من توفير شروط وظروف مناسبة يتمثل بعضها في:
1 تحديد حاجيات كل متعلم أو كل مجموعة من المتعلمين، من خلال تقويم تشخيصي
للتعلمات السابقة والمعرفة القائمة عن الموضوع المستهدف بالتدريس، وتشخيص الفروق الفردية بناء
على ذلك، وإطلاع المتعلمين على ذلك بكل شفافية ووضوح مع إجراء مشاورات بينهم فيما
يخص التعاطي مع الموضوع المستهدف.
2 تدبير الوقت بمرونة مناسبة لكل متعلم أو مجموعة متعلمين، والابتعاد عن صلابة جدول
الحصص التقليدي الذي كثيرا ما يعرقل التعلمات بحصرها في وقت محدد بصرامة ومقنن تشريعيا،
يحاسب عن الإخلال به. فالفروق الفردية مبنية أصلا على إيقاعات للتعلم مختلفة ومتنوعة يجب
استحضارها في الأداء الصفي مع اعتبار الوقت بكل مرونة.
3 طبيعة البيداغوجيا الفارقية القائمة على التعلمات التفريدية أو على التعلمات داخل مجموعات من
11
المتعلمين، تتطلب التشاور والتحاور حول كيفية ومعايير وقيم وسلوكات التعاطي مع التعلمات،
والتعاطي مع مكونات الفعل التعليمي خاصة الأستاذ والتلاميذ والشركاء الفاعلين في المؤسسة
المرتبطين بتلك التعلمات.
وهذه الطبيعة يقوم حولها جدل مفتعل في البداية نظرا أن جماعة الفعل لا تكون ردود أفعالها
واحدة، بقدر ما تتسم بالمقاومة؛ التي تمتص عندما يتحاور ويتشاور حولها بكل مسؤولية
وموضوعية.
4 طبيعة البيداغوجيا الفارقية المبنية على الفروق الفردية تتطلب العمل في فريق متلاحم وصبور،
نظرا لأنها توظف العديد من التعلمات المتنوعة والمختلفة، والعديد من الأدوات والمعينات
البيداغوجية ووسائل العمل، والآليات.. فهي بذلك تتجاوز قدرة فرد واحد.
5 الإعداد الدقيق للأهداف المتوخاة بتحديد التعلمات وضبطها، وتحديد المسارات التعليمية
التعلمية، ووضع التقويم بكل أنواعه المعروفة، وبناء أدواته..
6 توفير شروط العمل في المجموعات أو بالتفريد عندما نأخذ بالتعليم التفريدي خاصة إذا كانت
جماعة القسم قليلة العدد، وهذا حاضر في بعض البوادي المغربية. لكن مع الأسف الشديد لا
نوظف البيداغوجيا الفارقية في التعاطي معها. كما نلاحظ مع الأسف الشديد أن الكتب
المدرسية الجديدة لا توظف هذه البيداغوجيا في الدعم الخاص، بل تنأى به نحو التعلم الجماعي
المعتمد على المتوسط الحسابي.
7 توظيف مبادئ الإحصاء الدالة على الفروق الفردية من المتوسط الحسابي، والبعد عنه،
والتشتت، والانحراف المعياري لمقاربة نتائج التقويم التشخيصي ونتائج التقويم النهائي لتحديد
الدعم.
8 اعتماد التعليم القائم على فكرة الفروق الفردية باعتبار اختلاف المتعلمين والمتعلمات في نفس
القسم بدل اعتماد التعليم القائم على فكرة المتعلم المتوسط، بمعنى الانطلاق من البعد عن المتوسط
الحسابي لا الانطلاق من المتوسط. وتركيز التعليم حوله، واعتبار أن التلاميذ نسخ طبق الأصل
مع فروق فردية تكاد لا تذكر، كما هو حاصل في برامجنا التعليمية الحالية التي تدعو التجديد وما
هي بجديدة؟! وإنما كلام في الفراغ يدغدغ أحاسيس ومشاعر الناس ويوهم غير الناقد بأن هناك
جديدا، في حين النقد يظهر خلاف ذلك .
12
- البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط - 3
المبادئ الدالة إحصائيا على الفروق الفردية
حتى يسهل التعامل مع الفروق الفردية وتوظيفها على الوجه الأكمل سوف نقترح بعض المعاملات
الإحصائية الدالة دون التعمق في بعضها الآخر لتعقيداتها الرياضياتية التي تتطلب شروحا إضافية لا
يتسع المقام والمقال لها .وسنتخذ فقط المتوسط الحسابي والبعد عنه لتحديد الفروق الفردية لسهولة
توظيفهما والتعامل بهما؛ وليكن في العلم أن لهذين المعاملين عيوبها الإحصائية في بعض الأحيان .
1 المتوسط الحسابي:
المتعلمين مقسوما على عددهم، ونرمز له بالمعادلة  = وهو مجموع النقط المحصل عليها من قبل
: X التالية
N
المتوسط ، عدد المتعلمين N هي نقطة كل متعلم على حدة، و X بحيث مجموع النقط، و  هو
فإن Fréquence الحسابي، و وأما إذا كانت النقط أو المفردات الإحصائية على شكل تكرار
:f X تصبح على الشكل التالي  = المعادلة
N
بحيث نفس المؤشرات مع اختلاف بسيط جدا؛ وهو النقطة أو المفردات الإحصائية مضروبة في
تكرارها، ثم جمع الخارج مع خارج النقط الأخرى أو المفردات الإحصائية الأخرى في تكراراتها،
وقسمتها على عدد التلاميذ
فمثلا لو فرضنا أن جماعة القسم تتكون من 10 متعلمين ونقطهم المحصلة في معلومات موضوع ما
0. فالمتوسط الحسابي هو مجموع ،1 ،9 ،5 ،8 ،2 ،4 ،3 ،7 ، هي على الشكل التالي: 6
؛ 0 مقسوما على عدد التلاميذ وهو 10 +1+9+5+8+2+4+3+7+ النقط المذكورة وهو: 6
6 مع ،5 ، فالمتوسط الحسابي يساوي إذن 4.5 . وأما إذا كانت النقط فقط هي مثلا: 8
3 فإن المتوسط الحسابي يساوي: ،2 ، تكرارات متتابعة على الشكل التالي مثلا: 5
.6.8 = 10:(3×6)+(2×5)+(5×8)
ومنه فإن التلاميذ الذين حصلوا على 4.5 فما فوق في المثال الأول هم الحاصلون على المعدل
دون الآخرين، بينما في المثال الثاني فإن التلاميذ الذين حصلوا على 6.8 فما فوق هم الذين
حصلوا على المعدل دون غيرهم؛ وعليه من حصل على 6 فهو غير حاصل على المعدل بناء على
المتوسط الحسابي الذي هو نزعة مركزية في عرف علم الإحصاء التطبيقي. وأما إذا أخذنا بالمعدل
13
10 فإن المتعلم الحاصل على النقطة: 6 فهول حاصل على المعدل. وهذا لا يعطي / النظري وهو 5
نظرة حقيقية عن مستوى المتعلم مقارنة بمستوى القسم.
2 البعد عن المتوسط الحسابي:
لحساب البعد عن المتوسط الحسابي وهو بعد بسيط حسب علم الإحصاء، نستعمل المعادلة
: ( X-X ). التالية
وهي تؤشر عن البعد عن المتوسط الحسابي في مستوى أدنى من التعقيد الإحصائي، يمكن
الاعتماد عليه في تكوين مجموعات متقاربة أو شبه متقاربة في الفروق الفردية، مما يسمح بتحديد
أنشطة للتعليم والتعلم لتلك المجموعات مناسبة لها وتنطلق من الفروق بينها.
وسوف نضرب لذلك مثالا؛ فنقول: لنفرض أن مستوى دراسيا ما يضم 20 متعلمة ومتعلما،
تتوزع نقطهم في تقويم تشخصي حول المعلومات الأبجدية لموضوع الدرس على الشكل التالي:
6.،5 ،2 ،2 ،3 ،9 ،8 ،7 ،6 ،6 ،7 ،4 ،4 ،3 ،4 ،5 ،8 ،9 ،8 ،5
5.55 ؛ وأما البعد عن المتوسط لكل متعلم فهو التالي: =20/ فالمعدل الحسابي للقسم هو: 111
( ؛( 2.45=8 -5.55) ؛( 3.45=9-5.55) ؛( 2.45=8-5.55) ؛(5.55-5=-0.55 )
؛( 1.55 -=4-5.55) ؛( 2.55-=3-5.55) ؛( 1.55 -=4-5.55 ) ؛5.55-5=-0.55 )
-5.55) ؛(0.55 =6 -5.55 ) ؛( 0.55=6 -5.55) ؛( 1.55=7 -5.55) ؛(5.55-4=-1.55)
3.55 -=2-5.55) ؛( 2.55 -=3-5.55) ؛( 3.45=9 -5.55) ؛ (5.55-8=2.45 )؛( 1.55=7
0.55 ). وبالتالي فبعد كل متعلم عن المتوسط الحسابي =6 -5.55 ) ؛ )3.55-=2-5.55 ) ؛(
نرتبه من السالب إلى الموجب هكذا:
3.45 . وبذلك فإننا ؛ 2.45 ؛ 1.55 ؛ 0.55 ؛ 0.55- ؛ 1.55- ؛ 2.55- ؛- 3.55
سنشكل من مجموع متعلمي القسم 8 مجموعات وفق هذه الأبعاد عن المتوسط الحسابي
المحصلة. حيث تضم كل مجموعة التلاميذ الذين لهم نفس البعد عن المتوسط، مع مراعاة
معطيات بنود التقويم التشخيصي. وهي كالتالي:
 المجموعة 1 ذات البعد 3.55 - :تضم تلميذين.
 المجموعة 2 ذات البعد: - 2.55 تضم تلميذين.
14
 المجموعة 3 ذات البعد: - 1.55 تضم 3 تلاميذ.
 المجموعة 4 ذات البعد: - 0.55 تضم 3 تلاميذ.
 المجموعة 5 ذات البعد: 0.55 تضم 3 تلاميذ.
 المجموعة 6 ذات البعد 1.55 :تضم تلميذين.
 المجموعة 7 ذات البعد: 2.45 تضم 3 تلاميذ.
 المجموعة 8 ذات البعد: 3.45 تضم تلميذين.
وبناء على هذه المجموعات ومعطيات تقويمها التشخيصي سنبني أنشطة تعليمية تعلمية مناسبة لها،
ومنه نكون قد انطلقنا في تعليمنا من الفروق الفردية المحصلة لدينا، أما إذا كان كل متعلم يشكل
بعده عن المتوسط الحسابي حالة خاصة لا يشاركه الآخرون فيها، فإننا نعمل بالتعليم التفريدي،
حيث نمكن كل حالة بأنشطة تعليمية تعلمية خاصة بها، وهذه الحالة قليلة عندنا خاصة مع
الاكتظاظ الذي يشهده تعليمنا فلابد من تشكيل مجموعات.
t ونحن لن نذهب إلى المعاملات الإحصائية الأخرى كالانحراف المعياري والتشتت والارتباط و
..لأنها متخصصة جدا، ومنوطة بالبحوث والدراسات العميقة، ومؤسستنا التعليمية المغربية
ليست مؤهلة حاليا لتوظيف الإحصاء النفسي وقياس القدرات الإنسانية، لأنها لا تدرسه ولا
تمكن الأستاذ منه سواء في مستوى التكوين الأساس أو المستمر. بل هناك من لا يؤمن به ولا
يعترف به، فبالأحرى أن يطبقه.. ولكن سنعطي أمثلة تطبيقية نوظف فيها المتوسط الحسابي والبعد
عنه في إعداد درس مبني على الفروق الفردية، بمعنى درس يوظف البيداغوجيا الفارقية.
البيداغوجيا الفارقية والتنشيط:
بما أن البيداغوجيا الفارقية تقوم على الفروق الفردية وتوظف المجموعات في التعليم والتعلم، فهي
15
ترتبط ارتباطا عضويا بالتنشيط، وتعتمد عليه في تنشيط المجموعات، ومنه كان ضروريا التطرق
إلى التنشيط وتقنياته ضمن مبحث البيداغوجيا الفارقية. فترى ما التنشيط؟ وما تقنياته؟ وقبل ذلك
كله لابد من استهلال في التنشيط.
 تقديم:
يلعب التنشيط دورا هاما في الحياة المدرسية، إذ يعد الأساس الداعم للفعل التعليمي التعلمي في
المدرسة المغربية بمفهوم التفعيل، ويعد مكونا من مكونات بنية هذا الفعل من منظور الممارسة
الميدانية، ذلك أنه وسيط بيداغوجي فعال في مقاربة المواد الدراسية؛ حين يحمل تلك المواد إلى
المتعلم في شكل مقاربات متنوعة وهادفة. كما أنه جزء من مكونات بنية المادة الدراسية حين
يكون مستهدفا بالتدريس. لذا اعتمدته البيداغوجيا الجديدة منهجا وموضوعا للتدريس في نفس
الوقت. مما يجعل الفعل البيداغوجي حيويا. ينبض بالحياة؛ فمسرحة درس التاريخ جزء من بعث
زمانه ومكانه إلى الحياة، والوقوف على معطياته التاريخية السياسية والاقتصادية والإيديولوجية
والاجتماعية والثقافية والدينية... وملابسات سلبياته وإيجابياته. كما أن تكنلجة مادة الفزياء أو
العلوم الطبيعية حين التدريس يحرك المتعلم ويبعث فيه الحيوية والنشاط بدل الإلقاء الذي يحيل
الدرس إلى جماد وجمود وسكون، بل يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعقيد المادة وتصعيبها على
المتعلم.
ومن هذه الحيوية والفعالية التي يبعثها التنشيط في التدريس؛ أصبح هذا الأخير مناط طرق
التدريس الحديثة ومحط اهتمامها دراسة وطلبا واستجلابا لقاعة الدرس، وتفعيلا فيها؛ لأنه
وسيط حي مجدد لنشاط وحيوية المتعلم. يمكنه من مجموعة من الكفايات والقدرات
والمهارات، التي تقدر المتعلم على ممارسة التعلم في المدرسة وخارجها. ويدعم مكتسباته ويراكم
خبراته بما يضمن تخزينها في ذاكرته بعيدة المدى، التي يستدعيهخا كلما طلبت الحاجة إلى
ذلك. لأن التخزين يتم بواسطة مفاتيح ضابطة لإشعال الذاكرة والاسترجاع. فمثلا التلميذ الذي
يدرس درس الفلسفة بواسطة المناظرة والحجاج بين الفيلسوف ومحاوريه أو ناقديه لن ينسى
الدرس، بل يمكن أن يستدعي حيثيات الدرس من خلال مفاتيح معينة استدمجت في دخل
الذاكرة. فمثلا يقول: لقد رد الفيلسوف الفلاني على منتقديه لما كان يحاورهم في المقهى.
فالمقهى تشكل مفتاحا هنا للتلميذ، يشعل به الذاكرة ويستدعي به حيثياث المقام ومضمون المال.
وهكذا مع مختلف آليات التنشيط، التي توظف في التدريس. ومنه أمسى التنشيط اليوم رامزا
للتفعيل والتفاعل والحيوية في الفعل البيداغوجي. فكل فعل تدريسي يفتقد للتنشيط؛ فهو فعل
ميت سكوني لا حركة فيه .يستدعي التكبير
16
والمبرمج التربوي المغربي واع بأهمية التنشيط منذ زمن بعيد، غير أنه تركه للتطوع والهواية في
مرحلة ما قبل الميثاق الوطني للتربية والتكوين .وفي المرحلة الحالية مع هذا الميثاق نقله من التطوع
إلى الإلزامية، وأبقاه  مع الأسف  في دائرة الهواية دون الاحتراف. وما الاحتراف إلا تخصيص
التنشيط بمادة مستقلة لها برنامجها المقرر ومساحتها الزمانية وقادرها الممارس، المكون خصيصا
للتنشيط، وأرضيتها اللوجستكية؛ التي تسمح بممارسة التنشيط داخل المدرسة المغربية .واعتمد
في هذه النقلة النوعية، التي أصبغت على التنشيط أهمية قصوى في عشرية التربية والتكوين على
مرجعيات أدبية وفلسفية وقانونية مختلفة نذكر منها:
أولا: طبيعة الإنسان التي تميل في عمقها إلى الاجتماع والتواصل مع الآخر، ضمن مدنيته
الموجبة لتبادل المصالح والمنافع القائمة على التعاون والتآزر والاختصاص والتخصص. من حيث أن
الإنسان لايمكنه القيام بجميع أنشطته بنفسه، والإلمام بها في نفس الوقت، وخصوصا في عصرنا
هذا. ذلك ( أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته .. فلابد من اجتماع القدر الكثيرة
من أبناء جنسه ليحصل القوت له ولهم ) ، وهذا ما يدعو إلى الانفتاح على خبرات الآخر، وعلى
إمكانياته، وعلى عطائه. فالناس في كليتهم تنشأ الحضارة وتتعدد مناحيها، وتتنوع منجزاتها، وفي
مدنيتهم ينشأ التنشيط والتحفيز بحكم تنوع طبيعتهم النفسية، وقدراتهم العقلية، وطاقاتهم
الجسمية، وإبداعاتهم الفردية. وفي ظل اجتماعيتهم يحتاج الفرد للآخرين، وتنمو مطالبه إلى ما عند
الآخرين من منطلق اختلاف المكتسبات والقدرات والكفايات..
ثانيا: تطور المجتمع الدولي نتيجة التطور العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي، الذي أفضى إلى طلب
مستجدات سلوكية وقدرات وكفايات وأنماط متنوعة من المفاهيم التي تدل على الفكر الجمعي
والمؤسساتي، الذي هو الآخر يتطلب مفهموم التعاون والتآزر، والتضامن من أجل الإنجاز...
وغدا استعمال الضمير " أنا " دالا على قصور في الفكر الاجتماعي الحديث للمتكلم بهذا الضمير.
وأصبح الحديث بالضمير " نحن " عنوانا لفكر اجتماعي حداثي منسجم مع تطلعات المجتمعات
العصرية، ومسايرا لفكر المجتمع المدني الذي يروج للفكر التضامني الجمعي. ذلك أن اليابان مثلا
؛ ( Collectivism ) وشجعت المبادرة الجماعية ( Individualism ) حاصرت المبادرة الفردانية
مما يستوجب التنشيط وطرق التنشيط من قبل الفرد ليعمل داخل الجماعة .فهي  أي اليابان  تأكد
( على التعلم الجماعي وحل المشكلات. فجزء كبير من وقت التلميذ سواء داخل الفصل
الدراسي أو خارجه يخصص للدراسة الجماعية. ويتعلم التلميذ مهارات التعلم الجماعي وحل
المشكلات والحساسية لزملائه والحد من أنانيته من خلال المشروعات والرحلات الجماعية،
وتنظيم الفصل الدراسي، والأنشطة الجماعية الوثيقة الصلة التي تستمر فيها عضوية الفرد عدة
سنوات. وهناك شعور عنيف بالفخر بإنجازات الفريق أو الجماعة ينتشر في الثقافة كلها. وأكثر
المحكات أهمية في تقدير نوع العمل للترقية الدورية هو القدرة على العمل مع الآخرين بانسجام
17
وهذا التطور الحاصل في المجتمع الدولي، يتطلب أكثر من أي وقت مضى التعامل مع الجماعة؛
لأنها أصبحت البنية الأساسية في العمل. أو المؤسسة الاجتماعية الأكثر قابلية للتداول، مما يعني
زيادة الطلب على التنشيط؛ لكونه المدخل لاكتساب طرقه وأساليبه وأدواته وخططه، خاصة من
واقع ممارسته. ولهذا فإنه غني عن التذكير بتفاصيل أهميته في الفكر الجمعي الحديث...
ثالثا: روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين المبنية على:
أ  كون الميثاق الوطني للتربية والتكوين نتاج عمل جماعي، تطلب مجهودا كبيرا في تنشيط
اللجنة الخاصة به، وكونه تعبيرا واضحا عن الفكر الجماعي المؤسسة على التوافق السياسي
والمذهبي والديني والثقافي بغض النظر عن تحفضاتنا عليه. فهو تطلب تعاضد الكفاءات للخلوص
إلى نتاج معبر عن اللجنة.
فالميثاق نفسه يتضمن روح الجماعة وتآزرها نحو الخلوص إلى موقف منسجم معبر عن مختلف
الرؤى. وهو يظهر من هذه الناحية أهمية التنشيط وكيفية إدارته من أجل التوافق. وبذلك كان
عنوانه الكبير المعبر عن ضرورة امتلاك مجموع أفراد اللجنة مفهوم التنشيط والعمل على تفعيله اتجاه
بعضهم البعض، فصد الإقناع والتوافق في المواقف والاتجاهات...
- البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط - 4
ب  كون الميثاق الوطني
فالتنشيط في الميثاق يعد آلية وأداة عملية، في انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها الاجتماعي
المحلي والإقليمي والجهوي والوطني والعالمي؛ بما في هذا المحيط من غنى ثقافي واقتصادي
وسياسي وديني وإيديولوجي وتكنولوجي ومعلوماتي ...للاستفادة من خبراته وتجاربه ومعطياته
المعرفية والقيمية والسلوكية والاجتماعية والأدائية، والاغتناء منها وبها... كما هو انفتاح للمؤسسة
على ذاتها لتطوير كفاياتها وكفايات روادها. لأنها تساهم بقسط كبير في تمكين المتعلم من
التنشيط ومن آلياته وأدواته وأساليبه وخططه وقيمه وأخلاقياته، بل هي المدخل الحقيقي لتنشيط
الفرد في المجتمع؛ كونها مجتمعا صغيرا مبسطا للمجتمع الكبير الذي يخرج إليه المتعلم، يتضمن
18
تفاعلات وعلاقات اجتماعية تتطلب الكثير من التنشيط...
والميثاق بهذه الروح يعد المرجع الحقيقي للمؤسسة في التنشيط. إذ تنبع منه تلك الروح، في شكل
مواد فلسفية مؤطرة للمنظومة التربوية، وحامية لها من كل تعسف يسقط التنشيط من النظام
التعليمي المغربي. وتعلن عنها خاصة في المواد التالية: 9 و 48 و 131 و 132 .وأضحى التنشيط
بهذه المواد وبالمواد المؤجرأة لها إطارا ومرجعا قانونيا، يمنح المنشط في المؤسسة التعليمية حق
الممارسة الميدانية للتنشيط، ويضمن له هذا الحق في إجرائه داخل الفعل التعليمي من خلال
تنشيط جماعة قسمه؛ سواء على صورة نشاط مدمج أو نشاط مستقل بذاته. كما أصبح التنشيط
جزء لا يتجزأ من بنية برامج المؤسسة التعليمية التي تضعها المجالس المختصة حسب التشريعات
المدرسية المعلنة.
هذا فيما يخص التنشيط مفهوما واسعا وشاملا، بينما هو في تفعيل جماعة القسم ينحصر وتضييق
مساحته حتى يتعلق بتقنيات وإجراءات محددة داخل القسم لتحريك المتعلمين نحو فعل التعلم
والتعلم الذاتي.
مفهوم التنشيط:
التنشيط مادة لغوية من الجذر المعجمي ( ن ش ط ) ، وتعني جملة من المعاني تنطلق من المعنى
النووي لعقد، وهو في الحقل التربوي يفيد لغة عقد العزم على فعل شيء، والتهيؤ له والاستعداد
لإنجازها، وتصييره واقعا ملموسا. وأما اصطلاحا؛ فإنه يفيد عملية التحفيز والحث على فعل شيء
وتحريكه والمشاركة فيه. إلا أنه يختلف معناه الاصطلاحي في بعض حيثياته من حقل معرفي أو
تطبيقي لآخر. ومنه لم أجد تعريفا للتنشيط في معجم علوم التربية؛ وإنما وجدت تعداد تقنيات
التنشيط التربوي، وهي تقنيات تهم تنشيط المجموعات الكبرى والصغرى. في مقابل ذلك وجدت
تعريفا لمعهد التنشيط بتونس يقول: ( يعرف التنشيط على أنه جملة من العمليات التي يقوم بها فرد أو
مجموعة من الأفراد بهدف إدخال تعديل أو تغيير على سلوك إنساني أو مكان أو محيط في إطار
تربوي وثقافي وفق أهداف مضبوطة ومحددة. وهو يعتمد أساسا على المكونات التالية:
 المنشط: القائم بالفعل والمؤطر.
 المنشط: المفعول معه.
 المكان والزمان: الوعاء الوظيفي للنشاط.
19
 الوسائل :المادية والبيداغوجية
تقديم تعريف إجرائي للتنشيط يقوم على:
أ  المعنى المعجمي النووي.
ب  ورود المصطلح على الوزن الصرفي " تفعيل " بما يتضمن من معنى الحركة والفعل...
ج  طبيعة التنشيط القائمة على طرفين في الحد الأدنى.
د  مكنون فعل " التنشيط " الدال على التفاعل بما يفيد التأثير والتأثر.
حيث يمكن تقديم هذا التعريف الإجرائي بالصيغة التالية:
التنشيط فعل تفعيل وضعية سكونية أو شبه سكونية نحو وضعية تفاعلية بين مكونات مختلفة
ضمن نسق معين، يستهدف إحداث ناتج معين
والتنشيط بهذا المعنى يتوقف على:
1 معرفة وقيم ومهارات وقدرات وكفايات، ليدل على الفعل المعجمي والاصطلاحي ل " ن ش
ط "؛ ذلك لا فعل إلا بالمعرفة والقيم والمهارات والقدرات والكفايات، حيث لا يوجد فعل
مؤسس على فراغ بل لابد من استباقات ناشئة عن نشاط الإنسان السابقة المتراكمة لديه، والتي
يتفاعل بها ويفعل بها...
2 وضعية سكونية أو شبه سكونية، جامدة بصفة نهائية أو شبه نهائية أو خاملة فاقدة للطاقة...
3 فعل التفعيل، بمعنى الإنجاز الفعلي للتنشيط؛ بما يضمن التفاعل بين المكونات، وتحريك
النسق نحو اكتساب الطاقة الحرارية المحركة...
20
4 استهداف التنشيط ناتج نعين، سواء أكان معرفيا أو ماديا أو معنويا، كما أو كيفا ..مثلا في
المجال التعليمي: تحقيق كفايات معينة عند المتعلم.
والتنشيط هنا؛ في هذه الورقة تنشيط مطلق، لم يتحدد بمجال معين بالعين أو بالوصف أو
بالموضوع وإنما تركناه كذلك حتى يستوعب كل تنشيط هادف يمارس في المؤسسة التعليمية أو
خارجها من خلال متعلميها. فالتنشيط متعدد منه مثالا لا حصرا: التنشيط التربوي والتنشيط
المسرحي والتنشيط الثقافي والتنشيط الاجتماعي والتنشيط الاقتصادي والتنشيط السياسي...
حيث أصبح التنشيط في المدرسة المغربية مكونا رئيسا من مكونات بنية الفعل التدريسي، لأنه
يمكن المتعلم المغربي من مجموعة من الكفايات المتنوعة والمختلفة، ويدعم مكتسباته بطرق جد
فعالة؛ مبنية على المشاركة والتفاعل بين التلميذ وموضوع التنشيط. ولي من واقع الممارسة ومن
أدبيات الحقل التربوي الأدلة الكثيرة، ذلك أنه على سبيل المثال؛ التدريس في التاريخ من خلال
المسرح المدرسي أنجع من تدريس التاريخ بالإلقاء، حيث مسرحة النص التاريخي تحيل المتعلم
على معالم شخوصية وزمانية ومكانية وحدثية معينة، يمسك بها درسه، ويستحضره مشخصا
حيا، ليحاكم النص ذاته من حيث مصداقيته العلمية والتاريخية، وليحاكم واقعه في ضوئه...
ويستحضر اللحظة التاريخية الحاسمة في المسار التاريخي للدول والشعوب والحضارة الإنسانية.
وكذا التدريس بواسطة الورش اليدوية، التي تسمح للمتعلم بمقاربة موضوعه انطلاقا من ملامسة
المادة الخام، وتشكيل هذه المادة وفق المستهدف من الدرس؛ ذلك أن العمل اليدوي يحيل إلى
الخبرة الأدائية والتقنية والفنية للمتعلم، فضلا عن معلوماته ومعرفته واستحضار مكتسباته السابقة ...
كما أن التدريس واسطة التكنولوجيا البسيطة في المؤسسة التعليمية، من بين أهم الطرق الحديثة
التي تربط بين النظري والتطبيقي، وتؤهل المتعلم للأداء التطبيقي المؤسس على الواقع والتجربة
المؤطرة بالنظري ...
والتنشيط في مفهومنا ليس ترفيها أو مضيعة للوقت كما يظن البعض به؛ وإنما هو مكون حقيقي من
مكونات الفعل البيداغوجي، تلح عليه عشرية التربية والتكوين، وتحث عليه فلسفة الميثاق،
وتقننه المواد التشريعية المدرسية. لكنه في البيداغوجيا الفارقية أو بيداغوجيا المجموعات هو دينامو
للفعل التعليمي التعلمي، ينهض بتنشيط مجموعات القسم وفق تقنيات معينة ومعروفة في المجال
التربوي. وتحقيق التواصل فيما بينها. وبذلك يمكن أن نعرف التنشيط داخل القسم ب:
تعريف التنشيط التربوي:
1 " إضفاء الحيوية على جلسة تعلمية بقصد تنمية التواصل بين المتعلمين وتنظيم مساهماتهم في
21
بناء التعلم. "
2 " تفاعل وعمل جماعي يغني الدينامية المعرفية لأفراد المجموعة قصد تحسين قدراتها الوجدانية
والسلوكية والمعرفية، مع دفع لتغيير الواقع السلبي الذي يعيشه الأفراد ( المشاركون ( وتعزيز فكر
نقدي باعتماد مصلحة الجماعة أو لضمان تماسكها ومحيطها ..
ومنه فإن التنشيط التربوي متعلق بتحريك الفعل التعليمي نحو الفعل التعلمي داخل جماعة القسم،
لتحقيق بناء المعرفة والمهارات والسلوك والقيم والقدرات المختلفة لدى المتعلمين المشاركين في
جماعة القسم. وهذا التحريك منوط بالمنشط الذي يبعث الحياة في جماعة القسم، لأنه " هو الذي
ينفخ الحياة في ندوة أو عمل من أعمال جماعة، فيثير، ويحفز، ويرشد، ويوجه، وينظم مبادرات
وتدخلات المشاركين " ، كما أنه عليه انطلاقا من هذا " أن يحس بمسؤوليته في وضعية
واستمرارية الجماعة وفعاليتها
3 " مجموعة من الإجراءات والسيرورات والتدخلات والتفاعلات وأفعال التحفيز والحث
والاستثارة والمواقف والتصرفات والأفعال الصادرة عن المنشط ( المسؤولين )؛ التي من شأنها
تسهيل وإنجاح العمل الجماعي
4 " محاولة خلق وتنمية نشاط في مجموعة أو غيرها بناء على رغبات ودوافع واهتمامات محركة
لهذا النشاط
ونرى التنشيط التربوي في مستوى الاصطلاح الإجرائي: " حفز لأعضاء المجموعة على الإقبال على
النشاط بجدية، وإشراكهم فيه، وتسهيل لمهامهم وأدوارهم في إنجازه مع إبقاء التلاحم والتواصل
بين أعضائها في ظل توجيهات وإرشادات المنشط ( الأستاذ ) ". وهو يقوم أساسا على التعليم
بأنه تغيير في السلوك ناتج كليا أو جزئيا عن تجربة اثنين أو أكثر Good " التعاوني الذي يعرفه كود
إن مصطلح التعلم التعاوني يشير إلى تكنيكات Slavin : من الأشخاص ويقول عنه سلافين
صفية ينشغل من خلالها الطلبة بنشاطات تعليمية في مجموعات صغيرة، ويتلقون من خلالها
تعزيزا أو تقديرا مستندا إلى أدائهم في مجموعاتهم.
تعاريف لبعض المصطلحات- 1
التنشيط التربوي:
22
يعتبر موضوع التنشيط التربوي موضوعا ذا أهمية بالغة في العملية التربوية. ونكتفي بإجمال أهم
مقتضياته في اعتباره مجموعة من التصرفات والإجراءات التربوية، المنهجية والتطبيقية التي يشارك
فيها كل من المدرس والتلميذ قصد العمل على تحقيق الأهداف المسطرة لدرس ما أوجزء من
درس. وتدخل هذه التقنيات ضمن الطرائق التعليمية التي هي تجسيد للنظريات المختلفة للتعليم
والتعلم.
التكنولوجيات الجديدة:
يرتبط هذا المصطلح الحديث، الذي ظهر قي الميدان التربوي بمجال الإعلام والاتصال . ويشير
عموما إلى مختلف الوسائط والمعينات التي تساعد على تبادل ونقل المعلومات، صوتا أو صورة أو
هما معا . وتتم من خلال الفيديو والحاسوب والمسلاط والكاميرا وشبكات الأنترنيت، في
مجالات متنوعة وتشمل مختلف الأطراف( الإدارة، المدرسين، التلاميذ).
ولقد تمت الإشارة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى استعمال التكنولوجيات الجديدة في
الدعامة العاشرة من الباب الثالث المخصص للحديث عن الجودة.
التربية البدنية والرياضية:
التربية البدنية والرياضية مادة تعليمية تعتمد الأنشطة البدنية والرياضية باعتبارها ممارسات
اجتماعية وثقافية تساهم في بلوغ الغايات التربوية.
تعد مادة التربية البدنية والرياضية مادة تعليمية أساسية لدى المتعلم وهي تتفاعل تفاعلا
منسجما مع باقي المواد الدراسية الأخرى،لأن البرامج التعليمية تسعى في مجملها إلى الوحدة
المتكاملة،آخذة بعين الاعتبار التكوين الشامل لشخصية المتعلم من جميع جوانبها.
إن ما يكتسبه المتعلم من أرصدة في مجال المعرفة والمهارات سواء تعلق الأمر بالكتابة
أو القراءة أو الحساب أو الحركة له تفاعل في تكوين شخصيته تكوينا متكاملا ومتزنا، ومن ثم كان
للرصيد الحركي دلالته تأثيرا وتأثرا. ولهذا فالنشاط الحركي بمدلوله ورصيده له تأثير خاص على
المواد الأخرى من حيث الإنتاج والتفاعل أخذا وعطاءا. لذا وجب تطويعه وفق أسس علمية
تستجيب لمتطلبات المتعلم ورغباته حسب مراحل نموه وإمكانياته والمحيط الذي يعيش فيه.
الرياضة المدرسية :
23
الرياضة المدرسية هي مجموع الأنشطة الرياضية المزاولة داخل المؤسسات التعليمية في
إطار الجمعية الرياضية المدرسية، والتي تتوج ببطولات محلية وجهوية ووطنية ودولية، يبدع فيها
التلاميذ ويبرزون من خلالها كفاءاتهم ومواهبهم.
وينبغي التمييز بين التربية البدنية كمادة تعليمية أساسية وإجبارية والرياضة المدرسية التي
تعد نشاطا تكوينيا تكميليا اختياريا يزاول في إطار الجمعية الرياضية المدرسية.
- تعاريف لبعض المصطلحات- 2
:Compétence الكفاية
لا يمكن الإحاطة بمدلول الكفاية إلا من خلال تقديم نماذج من التعاريف المتكاملة، قصد
استشفاف ما يجمع بينها جوهريا، لنبني من خلال ذلك تعريفا جامعا مانعا كما يقول المناطقة،
خاصة إذا ما استحضرنا تطور مفهوم الكفاية في مختلف مجلات العمل(المقاولة، المدرسة،
مختلف الحقول المعرفية...
ومن أهم ما عرفت به الكفاية ما يلي:
1. أنها ترتبط بالاعتماد الفعال للمعارف والمهارات من أجل إنجاز معين، وتكون نتيجة للخبرة
المهنية، ويستدل على حدوثها من خلال مستوى الأداء المتعلق بها، كما أنها تكون قابلة
للملاحظة انطلاقا من سلوكات فعالة ضمن النشاط الذي ترتبط به.
2. إنها مجموعة من المعارف نظرية وعلمية، يكتسبها الشخص في مجال مهني معين، أما في
المجال التربوي، فيحيل مفهوم الكفاية إلى مجموعة من المهارات المكتسبة عن طريق استيعاب
المعارف الملائمة، إضافة إلى الخبرات والتجارب التي تمكن الفرد من الإحاطة بمشكل يعرض له
ويعمل على حله.
3. إنها نظام من المعارف المفاهيمية والإجرائية المنتظمة بكيفية تجعل الفرد حين وجوده في وضعية
معينة، فاعلا فينجز مهمة من المهام، أو يحل مشكلة من المشاكل.
4. إن الحديث عنها يعتبر حديثا عن الذكاء بشكل عام.
5. إنها تمكن الفرد من إدماج وتوظيف ونقل مجموعة من الموارد (المعلوم ات، معارف،
24
استعدادات،استدلالات...) في سياق معين لمواجهة مشكلات تصادفه أو لتحقيق عمل معين.
وباستجماع هذه التعاريف والتوليف بينها يتم استنتاج أن الكفاية :
أشمل من الهدف الإجرائي في صورته السلوكية الميكانيكية، وأشمل من القدرة أيضا ·
لأنها مجموعة من المعارف والمهارات والآداءات.
نظام نسقي منسجم، فلا ترتبط بمعرفة خاصة لأنها ذات طابع شمولي. ·
يلعب فيها إنجاز المتعلم-الذي يكون قابلا للملاحظة –دورا مركزيا. ·
تنظيم لمكتسبات سابقة في إطار خطاطات، يتحكم فيها الفرد ليوظفها بفعالية، توظيفا ·
مبدعا في وضعيات معينة، وذلك بانتقاء المعارف والمهارات والأداءات التي تتناسب مع الموقف
الذي يوجد فيه.
إنتاج أفعال أو سلوكات قصد حل مشكلة أو التكيف مع وضعية جديدة. ·
ميكانيزمات تعمل على إحداث التعلم وتنظيمه وترسيخه. ·
وانطلاقا من هذه الاستنتاجات يمكن اعتماد تعريف للكفاية باعتبارها:
- استعداد الفرد لإدماج وتوظيف مكتسباته السابقة من معلومات ومعارف ومهارات، في
بناء جديد قصد حل وضعية-مشكلة أو التكيف مع وضعية طارئة.
يفيد هذا التعريف التوليفي لمفهوم الكفاية ما يلي:
الكفاية منظومة مدمجة من المعا ريف المفاهيمية والمنهجية والعلم ية التي تعتمد بنجاح،
في حل مشكلة قائمة.
أي أنها النتيجة المتوقعة في (objectif terminal d’intégration) الكفاية هدف ختامي مدمج
نهاية مرحلة تعليمية، ومثل ذلك الهدف الختامي المدمج لكافة التعلمات في مستوى دراسي معين
أو مرحلة تعليمية محددة، أي مجموع القدرات التي اكتسبها المتعلم بنجاح، والتي يمكنه توظيفها
مدمجة لحل مشكلات قد تعرض له مستقبلا خاصة تلك الوضعيات الشبيهة بالوضعيات التي
تمرس عليها في برنامج دراسي محدد.
: (Habilité) المهارة
25
يقصد بالمهارة، التمكن من أداء مهمة محددة بشكل دقيق يتسم بالتناسق والنجاعة والثبات
النسبي، ولذلك يتم الحديث عن التمهير، أي إعداد الفرد لأداء مهام تتسم بدقة متناهية.
أما الكفاية فهي مجموعة مدمجة من المهارات.
* ومن أمثلة المهارات ما يلي:
مهارات التقليد والمحاكاة : التي تكتسب بواسطة تقنيات المحاكاة والتكرار ومنها:
- رسم أشكال هندسية.
- والتعبير الشفوي .
- وإنجاز تجربة...
* مهارات الإتقان والدقة:
وأساس بناءها :
- التدريب المتواصل والمحكم.
- ومثالها في مادة النشاط العملي مثلا:
ترجمة صياغة لغوية إلى إنجاز أو عدة تجريبية.
:((Cِapacité القدرة
يفيد لفظ القدرة عدة معان منها:
ا)- التمكن.
ب)- الاستعداد
ج)- الأهلية للفعل...
- ويتم الحديث عن القدرة في الحالة التي يكون فيها الفرد متمكنا من النجاح في إنجاز معين،
ولذلك تعتبر لفظة " الاستعداد " قريبة من لفظة "القدرة ".
26
- أما من حيث العلاقة بين المهارة والقدرة، فالمهارة أكثر تخصيصا من " القدرة " وذلك لأن "
المهارة " تتمحور حول فعل ، أي " أداء " تسهل ملاحظته لأنها ترتبط بالممارسة والتطبيق، أما
القدرة فترتبط بامتداد المعارف والمهارات.
وتتميز القدرة بمجموعة من الخاصيات: إذ أن القدرة عامة لا ترتبط بموضوع معين،
كالقدرة على الحفظ التي تشمل كل ما يمكن حفظه ولا تقتصر على حفظ الشعر والأمثال أو
القواعد والصيغ...
يتطلب تحصيلها واكتسابها وقتا طويلا، ولذلك فهي لا ترادف الهدف الإجرائي، بل تتعداه
إلى مفهوم الهدف العام، وهذا ما يفيد قابليتها للتطور.
* تعتبر قاعدة أساسية وضرورية لحدوث تعلمات أعقد، توضيحا لذلك: لا يمكن التعلم أن
يقوم عملا ما، ما لم تكن له قدرات أخرى كالتحليل والتركيب والنقد.
غير قابلة للتقويم بخلاف الكفاية. ·
:(Performance ) الأداء أو الإنجاز
يعتبر الأداء والإنجاز ركنا أساسيا لوجود الكفاية، ويقصد به إنجاز مهام في شكل أنشطة أو
سلوكات آنية ومحددة وقابلة للملاحظة والقياس، وعلى مستوى عال من الدقة والوضوح
ومن أمثلة ذلك، الأنشطة التي تقترح لحل وضعية-مشكلة.
:(Aptitudeَََََ ) الاستعداد
يقصد بالاستعداد مجموعة الصفات الداخلية التي تجعل الفرد قابلا الاستجابة بطريقة معينة
وقصدية،أي أن الاستعداد هو تأهيل الفرد لأداء معين، بناء على مكتسبات سابقة منها القدرة
على الإنجاز والمهارة في الأداء.
ولذلك يعتبر الاستعداد دافعا للإنجاز لأنه الوجه الخفي له. وتضاف إلى الشروط المعرفية
والمهارية شروط أخرى سيكولوجية، فالميل والرغبة أساسيان لحدوث الاستعداد.
: Objectifs d’apprentissage أهداف التعلم
هي عبارة عن أهداف دقيقة صيغت صياغة إجرائية وترتبط بما سينجزه المتعلم من سلوك بعد
27
ممارسته لنشاط تعليمي معين .
:Projet Educatif المشروع التربوي
خطة تسعى إلى تحقيق أهداف معرفية مهارية ووجدانية تترجمها حاجات ومشكلات يسعى
التلاميذ إلى بلوغها عبر عمليات منظمة .
: Programme Scolaire برنامج تعليمي
مجموعة من الدروس المتناسقة أو مجموعة منظمة من الدروس ونماذج التعليم والمواد
الديداكتيكية والحصص يكون هدفها هو تبليغ المعارف والمهارات .
Module الوحدة المجزوءة
الوحدة عبارة عن تنظيم متكامل للمنهج المقرر والطريقة التدريسية، إنها موقف تعليمي يحتوي
على المادة العلمية والأنشطة العملية المرتبطة بها وخطوات تدريسها .
: Séquence المقطع
مجموعة من الوحدات الصغرى المترابطة بينها برابط هو المهمة أو الهدف المتوخى والتي تشكل
جزءا من الدرس .
: Indicateur المؤشر
المؤشر الذي هو نتيجة لتحليل الكفاية أو مرحلة من مراحل اكتسابها، سلوك قابل للملاحظة
يمكن من خلاله التعرف عليها، وبالتالي يسمح بتقويم مدى التقدم في اكتسابها. إنه علامة
محتملة لحصول التفاعل بين تنمية القدرات وبين المعارف وبذلك يشكل نقطة التقاطع بين
القدرات والمضامين المعرفية.
الوضعية التعلمية
تعرف الوضعية التعلمية بأنها السياق الذي يتم فيه نشاط أو يقع فيه حدث تعلمي وتحيل
التي (situation-problème) " لفظة " الوضعية " إلى مفهوم " الوضعية – المشكلة
يقصد بها مجموعة متساوقة من المعارف المختلفة التي توظف لإنجاز عمل محدد.
28
وبهذا المعنى فإن الوضعية عبارة عن "عائق معرفي" هدفه إثارة اهتمام المتعلم وحثه على بناء
تعلمات في موضوع معين.
الوضعية المسألة:
وهي تشير عموما إلى مختلف المعلومات والمعارف، التي يتعين الربط بينها لحل مشكلة
أو وضعية جديدة، أو للقيام بمهمة في إطار محدد. وهي بالتالي، تمتاز بإدماج المعارف
وقابليتها للحل بطرق مختلفة من قبل المتعلم. وليست بالضرورة وضعية تعليمية. كما أنها
مرتبطة بالمستوى الدراسي وبالسياق الذي وردت فيه وبالأنشطة المرجوة والموظفة. ثم
بالمعينات الديداكتيكية وبتوجيهات العمل المعلنة منها والضمنية.
السيرورة :
وهي في عمومها مختلف العمليات والوظائف التي يقوم بها المتعلم، لتفعيل مكتسباته
وإمكاناته الشخصية وتصحيح تمثلاته، من أجل بناء معارف جديدة ودمجها في
المعارف السابقة وبالتالي اتخاذ القرار وتحديد الإنجاز الملائم.
المشروع البيداغوجي :
ينتقل المشروع التربوي من مجال القيم إلى مجال الفعل المباشر، وهوكل صيغة تحدد مواصفات
التخرج بمصطلحات الكفايات والقدرات التي يلتزمها شركاء الفعل التربوي على مدى تكوين
معين أو دورة دراسية محددة . كما يتضمن المشروع التربوي الوسائل المستعملة وخطوات
اكتساب المعرفة المقترحة وأنماط التقويم.
البرنامج التعليمي والمنهاج :
يشكل البرنامج لائحة المحتويات التي يجب تدريسها، وأنماط التعليم والمواد والحصص المراد
تبليغها . أما دولاندشير فيرى في المنهاج الدراسي على أنه مجموعة من الأنشطة المخططة من
أجل تكوين المتعلم، إنه يتضمن الأهداف، والأدوات، والاستعدادات المتعلقة بالتكوين الملائم
للمدرسين.
تقييم وتقويم الكفايات
29
ينبغي لنا ونحن بصدد الحديث عن التقويم جملة ، وتقويم الكفايات التعليمية على وجه
الخصوص أن لا يغيب عن ذهننا أمران أساسيان :
أولهما : أننا حين اشتغالنا بالكفايات ، فإننا نكون أمام مجال واسع قد يبدأ بالاستئناس ،
كما أنه قد يصل إلى مرحلة التمهير الذي يعتمد بالأساس على التدريب المكثف ، في مجال من
المجالات .
وثانيهما : أن أي تقويم في مجال الكفايات يبقى نسبيا حسب طبيعة وخصوصيات كل
مادة دراسية ، سيما إذا ما طرحنا قضية الدقة في تقويم المجالات المرصودة ، أو المهارات العملية
، وكذا المجالات الوجدانية الانفعالية والجوانب التي يصعب رصدها  باعتراف علماء
السيكولوجيا  فما بالك بالحديث عن تقويمها بالدقة المتناهية .
من هذا المنطلق تنبع ضرورة توحيد المفاهيم والمصطلحات ، وعلى رأسها تحديد
وبيان الفرق اللغوي والاصطلاحي لمفهوم كل من مفردتي التقييم والتقويم ؛ أمام إصرار البعض على
إقصاء مفهوم التقييم ، والاقتصار على لفظ التقويم ، وهما في حقيقتهما متكاملتين إلى حد التداخل
، إن على المستوى النظري أو العملي التطبيقي ، ولابد لأحد هما من الآخر في كل تقويم
موضوعي ، تعديليا كان أو إشهاديا جزائيا .
فإذا كانت هناك إمكانية لمقاربة مفهوم التقييم ، فإنه : إمكانية إصدار حكم ، عن
أنجاز عمل معين ، خلال مدة زمنية معينة ، استنادا إلى الفارق بين ما كان ينتظر إنجازه ، وبين
ما تم إنجازه فعليا ، من طرف المتعلمين .
وبعد الوصول إلى تقييم الأداء أو الإنجاز الذي ينبغي أن يكون مستمرا ، يأتي دور
التقويم الذي يبقى ذا طابع تعديلي في الغالب الأعم وبشكل مستمر أيضا ، والذي قد يشمل إلى
جانب الإنجاز ، مختلف مجالات التدخل في الفعل التربوي التعلمي .
و هنا ينبغي لنا أن نتساءل ، إذا سلمنا بأن الكفايات تقيم من خلال الإنجاز، هذا
الإنجاز الذي لا يمكن أن يظهر للعيان إلا عبر تفعيل مجموعة من القدرات والمهارات على
اختلاف أنواعهما بشكل مندمج ، وذلك من خلال ممارسة مجموعة من المهام المحدد ة بشكل
مسبق ؛ فكيف يكون بمقدورنا تقويم تلك الكفايات للرفع من قيمتها ومردوديتها ؟ ما دام التقويم
كيفما كان نوعه ، تعديليا أو جزائيا ينصب بالأساس على الكفاية أو الكفايات لا القدرات ، أي
التعلمات ، باعتبار القدرات ذات طبيعة باطنية غير قابلة للملاحظة والقياس ؟ و كيف يتأتى
تقويم القدرات الذاتية للمتعلمين ومدى الإمكانيات المتاحة عمليا لتطويرها وصقلها حتى تواكب
قطار التحولات السريع على كافة الأصعدة في عصرنا هذا ، ما لم تتح لها فرص الظهور للملاحظ
30
على شكل إنجازات ؟ وإذا ما سلمنا بوجود كفايات أساسية مشتركة بين جميع المواد الدراسية -
نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الأبيض على خمس كفايات أساسية لابد للنظام
والمنهاج التعليمي في حلته الجديدة من تحقيقها ، وهي : الكفايات المنهجية ، والتواصلية ،
والثقافية ، والتكنولوجية ، والاستراتيجية -
بحيث تعمل كل منها على تحقيقها لدى المتعلمين بالتدرج عبر المستويات الدراسية والأسلاك
التعليمية ، هل للتخصص دور في فرض كفايات محددة - من الملاحظ ميدانيا وجود نوع من
الضبابية واللبس يحوطان بمجال تصنيف الكفايات عموما ، ما بين الكفايات الأساسية ،
والكفايات النوعية العامة لكل مادة دراسية ، والكفايات النوعية الخاصة بكل وحدة دراسية داخل
كل مادة على حدة ، والكفايات الخاصة بكل مفردة (درس) من مفردات كل وحدة دراسية ،
وهذه الأخيرة منها تشتق القدرات ومستوياتها التي يتم العمل على تحقيقها والتحقق من ذلك
ديداكتيكيا ، وهذا التقسيم العملي هو الأقرب للصواب والموضوعية في نظرنا-
مدققة ، وخاصة ؟ كما يمكن التساؤل أيضا عن مدى إمكانية فرض سلم كفايات معين على هذه
المجموعة من المتعلمين دون الأخرى ، وما يمكن أن يؤدي إليه تصور من هذا القبيل من تمييز
بينهم ، يلغي أو يكاد مبدأ تكافؤ الفرص ؟ وماذا عن تقويم المهام ا لمؤدية إلى ظهور الإنجاز في
شكله النهائي ؟ وتقويم الوضعيات التعليمية ؟ وما نصيب تقويم الكفايات من الموضوعية ، أو كيف
نقومها موضوعيا ؟ وما هي أنواع التقويم التي يمكن اعتمادها في تقويم الكفايات عموما ؟ بل كيف
يمكن أن نقوم كفايات النظام التعليمي ككل ؟ ومتى ينبغي أن يتم ذلك التقويم ؟ هل نهاية كل
مستوى دراسي ؟ أو نهاية كل سلك ؟ ، وهل التخطيط للتقويم سابق على التخطيط للتدريس أو
العكس هو الصحيح ؟ أم هما متداخلان بحيث يصعب الفصل بينهما عمليا ؟ ...وغير ذلك من
التساؤلات المشروعة التي تفرض نفسها في باب تقويم الكفايات بشكل عام .
ليس هدفنا أن نجيب على هذه الأسئلة كلها الآن ، لأن ذلك سابق لأوانه باعتبار
جدة هذه البيداغوجيا ، بقدر ما نهدف إلى إلقاء بعض الضوء على موضوع تقويم الكفايات جملة
فنقول :
باعتبار أن الكفاية تتجسد في الإنجاز الناجح ، وفق معايير تحدد مسبقا بالضرورة ،
وأن من شروط هذا الإنجاز ، أن المتعلم يقوم بحشد مجموعة من الموارد المندمجة (معارف
نظرية ، معارف تجريبية عملية عامة وشخصية . استراتيجيات معرفية . آليات وأدوات معنوية ،
مهارات عقلية وحركية ، استحضار مجموعة من القيم ...) و أن يتم تجسيد الإنجاز عبر مجموعة
من الأنشطة والمهام ، في إطار وضعية أو وضعيات محددة ومختارة ؛ بالنظر إلى ذلك ، فإنه
يمكننا القول بأننا لا نقف على خلاف بين الباحثين في المجال ، بإمكانية تقويم الكفاية أو الكفايات
31
، لوقوع آثارها موقع الحس والملاحظة ، وتعذر أو صعوبة تقويم القدرة أو القدرات باعتبار ها
عمليات باطنية ، لكننا نرى أنه أصبح من الضروري بل الحيوي الآن ، التفكير في وضع نموذج ،
بل نماذج عملية للتقويم في هذا المجال ، لتكون منوالا ينسج عليه الأستاذ العامل بالميدان أولا ،
والمفتش المراقب ثانيا ، والجهات المسؤولة عن الامتحانات الجزائية أيضا ، وهو ما يمكن
تخصيصه ببحث مستقل ، نظرا لطبيعة الموضوع الحيوية التي تتباين حسب خصوصيات المواد
الدراسية كلا على حدة ، ويبقى على كل مدرس أن يؤسس لبنك أسئلة خاص به ، يبنيه
بشكل تدريجي موسما بعد آخر ، وصولا للفاعلية المطلوبة .
وليس معنى هذا أن يعتقد معتقد بأن عملية التقويم هي عملية مستقلة بذاتها ، بمعزل
عن عملية التطبيق العملي الميداني للكفايات ، أو بمعزل عن باقي مراحل عملية التدريس والتعليم
، وعلى رأسها مرحلة الإعداد للدرس أو دروس الوحدة ككل ، باعتبارها عملية تأتي في نهاية
الفعل التعليمي التعلمي ، بل هو عملية مندمجة ذات بعد شمولي يستحضر المكتسبات والتعلمات
بكل تجلياتها ، وينبغي أن يتم النظر إليها من خلال هذا البعد الذي لا ينفك عنها .
إن الموضوعية العلمية تقتضي أن أي تقويم موضوعي للكفايات ينبغي أن يبدأ التخطيط
له واستصحابه مع مرحلة الإعداد للدرس أو الوحدة وليس بعدها ، بدءا بجرد القدرات المستهدفة
من خلال الكفايات المسطرة في المنهاج ، مرورا بتحديد الوضعية أو الوضعيات التعليمية المناسبة
للقدرات ومستوياتها التي تم جردها وتحديدها انطلاقا من كفاياتها ، وصولا إلى تحديد معايير
الإنجاز المرتقب للتلاميذ ، مع تحديد المهام الإجرائ ية المساعدة على تحقيق المطلوب ، دون
إغفال الوسائل والمعينات ، وكذا إعداد سيناريوهات للتعثرات المحتملة وإجراءات مواجهتها ،
كل هذه المكونات وغيرها تشكل أساسا لعملية تقويم مدى تحقق الكفاية أو الكفايات بشكل عام
، وهي عملية مركبة على كل حال ، لكنها عمليا قابلة للتنفيذ والأجرأة ، ومن شأن ضبطها ،
والتدرب عليها أن يريحهم أكثر ، وأن يقلب الأدوار التقليدية المرهقة التي درج عليها السادة
المدرسون رأسا على عقب ، حيث تجعل منهم موجهين ومساعدين على التعلم الذاتي لمتعلميهم
، وتمكينهم من تحويل مهاراتهم وتصريفها في وضعيات مختلفة ، بدلا من اقتصارهم على التلقين
والتعليم فحسب .
فإذا كانت عملية تقويم الكفايات عملية مركبة ، وذات طبيعة شمولية مستمرة مواكبة
للعملية التعليمية من الإعداد إلى التقويم الإجمالي ، تعديليا كان أو جزائيا ، فإنها بالضرورة تؤدي
في النهاية إلى الحكم بتمكن المتعلمين من هذه الكفاية أو الكفايات أم لا من خلال أشكال وصيغ
تقويمية مختلفة ، وإذا ما تحققت هذه الكفاية ، فبأية نسبة تحققت ؟ وإذا لم تتحقق ، فلابد هنا
من اتخاذ المبادرة في إطار التقويم المواكب للعملية التعليمية أو التقويم الإجمالي ، بمراجعة الطريقة
أو الوسيلة ، أو الوضعية التعليمية التي قدمت في إطارها الكفاية وما إلى ذلك ، بحثا عن موطن
32
الخلل من أجل محاولة تجاوزه آنيا ، أو التخطيط لتجاوزه خلال حصص التطبيق أو حصص
الأنشطة المبرمجة ضمن التوزيعات الدورية ، بمعنى البحث عن الأسباب الذاتية أو المادية أو
الموضوعية الت ي أدت إلى النتيجة المتوصل إليها سلبا أو إيجابا ، لتجاوز ما هو سلبي ، وتعزيز
الإيجابيات وتكريسها ، مما يعني استثمار التغذية الراجعة بشكل فوري للتعديل الديداكتيكي ،
أو التعديل على مستوى الوسائل الموظفة ، أو الأساليب والطرق البيداغوجية ، بما يضمن تعلما
أفضل ، ومردودية أحسن ، وصولا إلى جودة تعليمية تعلمية أجدى ، باستثمار حصص التطبيق
والأنشطة ، وهكذا .
يتبين مما سبق كيف أن عملية التقويم في بعدها السيكولوجي والبيداغوجي هي عملية
ذات طبيعة شمولية ، وأنها كذلك وفي الآن نفسه تتسم من الناحية العملية بطبيعة تشعبية على
المستويين العمودي والأفقي ، بحيث يمكن التنظير لها وممارستها عموديا من أعلى قمة الهرم
التربوي ، إلى نتائج تقويمات الممارسة الديداكتيكية للمنهاج الدراسي أو ما يصطلح عليه بتقويم
التحصيل - التحصيل : هو مدى ما اكتسبه المتعلم من مهارات ومعارف ومواقف وقيم في فتر ة
زمنية معينة مقارنة بمجموعة المهارات والمعارف والمواقف والقيم المطلوب اكتسابها -
كما يمكن النظر إلى عملية التقويم أفقيا من خلال استهداف مردودية البرامج التربوية ككل ، من
خلال تحديد مدى قرب أو بعد المتعلمين من تحقيق المواصفات المسطرة التي يستهدفها النظام
، أي المخرجات ، وبذلك يبقى المتعلم في هذه العملية بكل مكوناتها في صلب الاهتمام ، وهو
المحور الأساس الذي تدور حوله كل الجهود المادية والمعنوية ، كما يبقى استهداف تمكنه من
أدوات تحليل وإنتاج المعرفة ، ومساهمته الإيجابية في عملية التنمية الوطنية بشكل مستديم من
المعايير الأساسية لكل تقويم هادف ، وبذلك فقط ، يمكن أن تكون المدرسة شريكا أساسيا في
التنمية البشرية عن جدارة .
من أجل تقويم أكثر وظيفية للكفايات .
1 / مفاهيم أساسية :
التحصيل : هو مجموع ما اكتسبه التلميذ من :
مهارات ، 􀀀
ومعارف، 􀀀
ومواقف ، 􀀀
33
وقيم ، 􀀀
في فترة زمنية معينة ، 􀀀
مقارنة بمجموعة المهارات والمعارف والمواقف والقيم المطلوب اكتسابها . 􀀀
الكفاية : هي القيام بعمل معين أو تحقيق إنتاج مطلوب بكفاءة وفاعلية في مجال ما ،
وعلى مستوى محدد ومنشود على مستوى الأداء .
الكفايات الأساسية : هي مجموعة الكفايات المؤتلفة والمتكاملة فيما بينها ، التي يجب إتقانها
على مستوى معين كحد أدنى ، كي يتمكن الطالب من متابعة التعلم ، بحيث لا يجوز
الجهل بها ؛ وهي لا تتعارض مع إتقان كفايات أخرى ومع إنماء الشخصية .
الإتقان (التمهير): هو وصول الطالب في أدائه التعلمي إلى مستوى يرتفع تدريجياً من
معظم المطلوب تعلمه ، إلى تغطية كل المطلوب.
2 / أنواع التقويم :
تقسيمات التقويم وأنواعه مسألة حيوية ومهمة على مستوى التمثل وتوحيد الرؤى ،
باعتبار ارتباطها المباشر بالغاية من التقويم ، وباعتبار طبيعة التقويم المستهدف في الآن نفسه ، ومن
هذه الأنواع نذكر على سبيل المثال :
أ – من حيث طبيعة التقويم هناك نوعين رئيسيين هما :
التقويم الجزائي : ويسمى أيضا بالتقويم الإشهادي ، وهو التقويم الذي تقوم به الجهات
الوصية في صيغة امتحانات رسمية ، ت منح بموجبها دبلوما أو شهادة بميزة أو بدونها ، عند نهاية
سلك معين .
القويم التعديلي : وهو التقويم الذي يتم اللجوء إليه عبر كافة مراحل التعليم والتعلم بشكل
مواكب ، بهدف تعزيز وتطوير ، أو تعديل مسارات اكتساب الكفايات المسطرة ، وتندرج
تحت هذا القسم الرئيسي كل أنواع التقويمات التي يقوم بها المدرسون ، والمفتشون ، والسلطات
الرسمية الوصية ، وهي تقويمات ينتج عن كل منها قرارات بحسب موقع كل مقوم .
ب – أما باعتبار الهدف من إجراء التقويم ، فيمكن أن نذكر كذلك :
34
إن تحديد الهدف من أي تقويم يشعب أنواع التقييم ، ويجعلها ت تأرجح بين تقييم
الأداء ، بمعنى إصدار حكم قيمة عليه من خلال إنجاز محدد ، والتأسيس على ذلك لبلورة
أساليب التدخل الممكنة والملائمة ؛ وبين تقويم الأداء أو التعلمات ، بمعنى إصلاحه ، أو تطويره
حتى يقارب الهدف المنشود ، وهو التمكن من الكفايات المحددة في صورتها التكاملية .
وبهذا المنظور ، تتأكد حقيقة الفرق بين مصطلحي التقييم والتقويم من جهة ، كما
يمكن تحديد مجالات التدخل بالنسبة للفرقاء التربويين ، حيث يمكن الحديث عن :
التقويم التشخيصي : وهو عملية تجمع في الوقت نفسه بين تقييم وتقويم تعلمات محددة
أساسية لحصول التعلمات الجديدة .
التقويم التكويني : هو عملية تشخيصية تصحيحية مستمرة مواكبة لفعل التعليم والتعلم ،
تهدف إلى ضمان إحداث التعلمات المطلوبة مع توفير تغذية راجعة لمعاودة التعليم والتقويم من
دون إصدار أحكام على المتعلم أثناء تعلمه ، وذلك بقصد تحسين مردود عملية التعلم والتعليم
وتفعيل المكتسبات وبناء الشخصية .
التقويم الإجمالي : وهو تقويم شامل يتم عند نهاية حصة ، كما قد يكون عند نهاية وحدة
دراسية ، وقد يكون عند نهاية موسم دراسي ، كما هو الشأن عند نهاية سلك دراسي معين ،
وهذا النوع من التقويم هو الغالب في التقويم الإشهادي ، كما يتم اللجوء إليه في التقويم التعديلي
أيضا .
التقويم التجميعي : وكما هو باد من تسميته ، فهو تقويم يهدف إلى تجميع ما أمكن من
كل متعلم، ومسار تعلمه ، ووتيرته ، وتطوره ، ونقاط قوته (profile) المعطيات حول ملمح
وضعفه وذلك في بطاقات خاصة ، تشكل مرجعا ومنطلقا مساعدا للحكم عليه متى دعت الضرورة
لذلك ، واتخاذ القرارات المناسبة بالنسبة لمسار حياته المدرسية .
وبطبيعة الحال فإن أي تقويم يقتضي ضمان الحد الأدنى من الشروط المادية
والموضوعية لنجاحه وتحقيقه لأهدافه ،
وختاما ، يمكن أن يتخذ تقويم التحصيل الدراسي شكل تقويم معياري بين تلاميذ
نفس المستوى الدراسي ، أو القسم الواحد ، كما يمكن أن يتخذ شكلا يتم على أساسه تقدير
مستوى المتعلم انطلاقاً من موقعه بالنسبة لسلم أداء الكفاية أو الكفايات المنشودة ، دون النظر إلى
موقعه النسبي بالنسبة لباقي المتعلمين .

الأحد، 19 أبريل 2015

التقويم والدعم


التقويم والدعم
دعم مجهود المتعلم فكرة قديمة جديدة :

إن دعم مجهود المتعلم وعلاج ضعفه في المجال الدراسي فكرة قديمة .وقد تجلت من خلال مواقف وآراء مفكرين و مربين في فترات تاريخية محددة.كما انها اتخذت مظاهر متعددة تؤشر كلها على وجود وعي بضرورة مساعدة المتعلم على تجاوز مواطن الضعف لديه ،فابن خلدون أكد على ضرورة مسايرة وثيرة التلميذ في التعلم ، ودعم تعلمه بوسائل التكرار ،وتقريب الفكرة بأمثلة حسية.

وفي القرن السابع عشر كان رجال الدين اليسوعيون يخصصون أوقاتا لدعم تعليم التلميذ ،ويؤكدون على فكرة أن كل الاطفال بإمكانهم أن يتفوقوا إذا أتيحت لهم فرصة تعليم جيد .وأكد جون لوك كذلك ان الفروقات بين الافراد إنما ترجع إلى نوع التربية التي تلقوها.
وفي القرن التاسع عشر ،نمت فكرة البحث عن تعلم حقيقي لا يستند على منطق العقاب ،وإنما يتخذ شعارا له (حرية المتعلم)،والاستجابة لحوافزه الداخلية، فكانت هذه الأفكار بدايات جنينية لبيداغوجيا مفتوحة قائمة على التعلم والتصحيح الذاتين ،وقد ظهر هذا جليا عند جان جاك روسو و بيستالوزي و مونتيسوري.
أما في العصور الحديثة ،فإن هناك عوامل عديدة قادت إلى طرح مشكل الفشل الدراسي والبحث عن صيغ لعلاجه .وهي عوامل يمكن يمكن اختزالها في المتغيرات التالية :

أ‌) دمقرطة التعليم،فبالاضافة إلى حق الطفل في التعلم تنفيذا لشعار التعليم للجميع ،هناك حق النجاح للجميع ، والبحث عن سبل المساواة في نتائج التعليم أكثر من المساوات في فرصه. وقد قاد تبني هذا الطرح إلى البحث عن طرائق لمساعدة الأطفال الضعاف ودعمهم .
ب‌) تطور مناهج البحث في الحقول العلمية المتعلقة بالانسان .ذلك أن البحث في النمو العضوي و العقلي وآليات التعلم وغيرها من الظواهر الإنسانية ، قاد إلى تبني أطروحة وجود فروقات بين الافراد ، وخلافات في مكوناتهم الشخصية . وقد أثرت هذه الأفكار على استراتيجيات التعليم والتعلم وطرائقه.
أما بالنسبة للمغرب فإن فكرة دعم المجهود الدراسي للمتعلم فكرة اكدت حظورها بطرق و أشكال عديدة :فقد يتم هذا الدعم بتدخل أفراد الأسرة لمساعدة الأبناء علىإنجاز واجباتهم المنزلية ، أويدفع بهم لمتابعة دروس خصوصية للتقوية ، أو يلجأ بعض المدرسين لتخصيص حصص إضافية للمراجعة مع التلاميذ ، أو تكليفهم بواجبات منزلية تعويضية .وإضافة إلى ذلك كنا نلاحظ ظهور عددا من المراجع بموازاة الكتب المدرسية ،قصد مساعدة التلاميذ على اجتياز الامتحانات .وكل هذه الأشكال تلقائية وغير منظمة لكنها تمارس بطريقة موازية للتعليم المدرسي .
أما على الصعيد الرسمي فتعتبر المذكرة 173 الصادرة بتاريخ 30أكتوبر1989(التقويم المستمر بأقسام الطور الأول من التعليم الأساسي )إطارا مرجعيا عاما مع اعتبار التعديلات المتوالية الواردة في المذكرات اللاحقة إلى حين الشروع في تطبيق مقتظيات الإصلاح التروي الحالي .
تعريف التقويم التقويم هو كل إجراءات وعمليات الكشف عن تعثر المتعلمين،أي الكشف عن الفارق بين النتائج المرتفبة والنتائج المحققة فعلا ، من أجل اتخاذ قرارات لتصحيح ذلك الفارق.فالتقويم إذن ليس غاية أوهدفا في حد ذاته ،بل أداة ووسيلة ،إذ يعتبر عملية أساسية سابقة لعملية التصحيح والدعم .فعلى أساس نتائجه نحدد خطة طريق أو استراتيجية تصحيحية.
أهمية التقويم :
تتجلى الأهمية التي يوليها المنهاج للتقويم والدعم في الحيز الزمني الذي اللافت للنظر المخصص لهما والذي تصل نسبته الى 30 / من مجمل أسابيع الراسة الفعلية ، هذا فضلا عن التقويم والدعم المندمجين في بنية كل نشاط من مختلف الدروس .

وظائف التقويم
1
وظيفة الحماية المعرفية للمتعلم وتحصينه بيداغوجيا من الوقوع في صعوبات تعليمية مختلفة .
وظيفة إعادة صياغة حصيلة التعلم وتعديلها.وظيفة اتخاذ قرارلوضع تصميم لحصص الدعم وحصص الانشطة الموازية.
2 _
للتقويم دور فاعل في توجيه المعلم لتلاميذه بناء على ما بينهم من فروق تتضح أثناء عمله معهم .
3
ـ يزيد التقويم من دافعية التعلم عند المتعلمين حيث يبذلون جهودا مضاعفة .
أسس التقويم التربوي :
أصبح التقويم على حداثته في مجال التربية والتعليم من الأمور الراسخة بالنسبة للتربية والعاملين فيها ، وقد أصبحت له أسس ثابتة تجب مراعاتها عند القيام به ، وأهم هذه الأسس آلاتي :
1
ـ من البدهي أن يتم التقويم في ضوء الأهداف التي وضعت للتعليم منذ البداية ، ومن هنا فإن القائمين على أمر التقويم يجب أن يتم تقويمهم لمايريدون تقويمه في ضوء تلك الأهداف .
2
ـ التقويم في جزء منه عبارة عن عملية تشخيصية يحاول القائمون بها أن يبينوا مواطن القوة ، والضعف فيما يقومونه ، وهذه العمليات التشخيصية تحتاج إلى الدقة ، والموضوعية لأنه على ضوء نتائجها ستوضع برامج للدعم والتصحيح .
3
ـ التقويم عملية مستمرة أي أنها لا تتم دفعة واحدة كما هو الحال في بعض الامتحانات التي نحكم من خلالها على االمتعلمين نجاحا أو رسوبا ، وهدف التقويم هو الحكم على مدى التقدم الذي يحرزه المتعلم في ضوء برنامج دراسي معين ، ومعرفة مدى ما تحقق من أهداف هذا البرنامج ، ومدى السرعة التي تم بها .
4
ـ عند تقويم االمتعلمين ينبغي أن يكون واضحا في ذهن الاستاذ أن عنصر الفروق الفردية عنصر جوهري لا بد من مراعاته ، فليس معنى وجود االمتعلمين في حجرة دراسية واحدة أنهم جميعا متساوون في كل شيء ، فتقويم المتعلم يتم في ضوء تقدمه هو لا في ضوء تقدم زملائه .
5
ـ أن يترك التقويم أثرا طيبا في نفس المتعلم ، وذلك من خلال تعاونه مع معلمه في عملية التقويم خاصة إذا شعر المتعلم أن معلمه يقف منه موقف المرشد الناصح ، وليس موقد الناقد الباحث عن العيوب ، والأخطاء .
6
ـ مراعاة تنوع آليات التقويم ، فكلما تنوعت هذه الآليات ، أو الأدوات كلما زادت معلوماتنا عن المجال الذي نقومه .

خصائص التقويم : و للتقويم خصائص هي :
1-
الشمولية : فهو يحدد نواحي نمو المتعلم أو تغير سلوكه معرفيا و مهاريا و وجدانيا 0
2-
الاستمرارية : فهو عملية مستمرة تسير جنبا إلى جنب مع الفعاليات التعليمية- التعلمية 0
3-
الموضوعية : أن يكون بعيدا عن التحيز و الذاتية .
4-
السهولة : عدم التعقيد في وضع السؤال و تصحيحه و الحصول على النتائج0
5-
العلمية : و تشمل الصدق و إظهار الفروق الفردية
مراحل التقويم :يخضع اجراء التقويم إلى ثلاث مراحل :
1-
مرحلة جمع البيانات :تجمع البيانات حول مظاهر التعلم عن طريق أدوات وأساليب التقويم وتقنياته.
2-
مرحلة القراءة والاستكشاف :تحلل فيها البيانات وينظم بها تقدير وضعية المتعلمين .
3-
مرحلة الاستتمار واتخاذ المسار التصحيحي :التهيؤ لاتخاذ مسار معين في توجيه أو اصلاح أو دعم السلوك التعليمي الذي تم تقويمه .

أساليب التقويم:
هناك أعداد كثيرة من أساليب التقويم التي يمكن استخدامها لتقدير تحصيل المتعلمين في المراحل الدراسية المختلفة وهي : ـ
1
ـ اختبار الصواب أو الخطأ .
2
ـ اختبار التكميل ، أو ملء الفراغ .
3
ـ اختبار المزاوجة .
4
ـ اختبار إعادة الترتيب .
5
ـ اختبار التصنيف .
6
ـ الاختيار من متعدد .

حقول ومجالات تنفيذ عملية التقويم:
عندما نقوم بعملية التقويم فإننا حثما نريد أن نكشف عن التعثر الدراسي في المجالات التي تستهدفها العملية التعليمية،وهي:
-
المجال المعرفي العقلي :ويتعلق بكل المهارات العقلية والقدرات الذهنية التي يمكن أن تكون موطن نقص كالتذكر والقدرة على التحليل والتطبيق...
-
المجال الحس حركي :ويتعلق الأمر بالمهارات ذات طبيعة حركية،لفظية كانت أوجسمية ,يدوية...
-
المجال الوجداني: ويتعلق بالمواقف والقيم والمبادئ والاهتمامات المراد تنميتها لدى المتعلم والتي يمكن أن تبين عن مؤشرات لضعف التلاميذ...
.
التشخيص قنطرة ضرورية للانتقال من التقويم إلى إلى الدعم:
إذا كان التقييم إجراء للكشف عن تعثر التلاميذ،فإنه يقودنا منطقيا إلى طرح السؤال التالي :لماذا حصل هذا التعثر؟
الجواب على هذا السؤال انتقال إلى عملية التشخيص .والتشخيص عملية نقوم بها بعد فعل التقويم ،لاكتشاف

عملية الدعم

الدعم تدخل بيداغوجي يتم بتقنيات و بإجراءات و وسائل ترمي إلى تقليص الفارق بين ما نتوخاه وما حقق فعلا من نتائج ،أي بين الأهداف المرجوة والنتائج المحققة فعليا ، والتي قد لا تعكس ما نتوخاه من أهداف . و ذلك من أجل الرفع من مردو دية وجودة العملية التعليمية ــ التعلمية، و تفادي الإقصاء و التهميش و تعزيز فرص النجاح و محاربة الفشل الدراسي.

وليس الدعم عملية تهتم بالصعوبات،والتعثرات والأخطاء فقط، وإنما يراعي وتيرة التعلم، لدى كل مجموعة من التلاميذ، وبقدر ما يولي عناية خاصة بذوي الصعوبات،فإنه يهتم بالتلاميذ المتوسطين، وبالمتفوقين حسب ما يلائم كل فئة ويغني تجربتها، ويطورأداءها.

مراحل عملية الدعم :

تخضع عملية الدعم لثلاث خطوات رئيسية:

1-
تخطيط عملية الدعم :تتأسس استراتيجية الدعم على عملية التخطيط، ويفيد التخطيط كل ما نعده ونهيئه لتنفيذ عملية الدعم ،ويشمل العمليات التالية :

أ- تحديد الأهداف المتوخاة من عملية الدعم ،هذه الأهداف التي مصدرها هو جملة البيانات و المعلومات المستقاة من عمليتي التقويم والتشخيص، فلا يمكن أن يكون الهدف مخالفا لطبيعة التعثرات ونوعيتها.

ب- بناء استراتيجية للدعم ،ويقصد بها كل ما يمكننا من بلوغ الأهداف المتوخاة،من طرائق ووسائل وأدوات منسجمة مع نوعية الأهداف.

2 –
تنفيذ عملية الدعم :بعد عملية التخطيط والتصميم ، ننتقل إلى عملية التنفيذ في وضعيات ملموسة ،وفق ما تم التخطيط له ،أو بمعنى آخر ننقل الإجراءات السابقة من حيز التخطيط إلى حيز الانجاز والتنفيذ.

3-
تقويم عملية الدعم:يختلف الدعم عن بقية مهام التدريس العادية بكونه إجراء يرتبط بتعثر معين،لذلك فإن عملية التقويم جزء من هذا النشاط.فما نقوب به من أنشطة من أجل الدعم ، ينبغي أن نختبر نتائجه الفعلية،وأن نتأكد من بلوغ الأهداف المرجوة.ومن تم ضرورة إدماج عملية تقويم لأنشطة الدعم المنجزة.
و نجد عدة مفاهيم اشتغلت على أساليب الدعم كالثتبيت و التقوية و التعويض و الضبط و الحصيلة و العلاج و المراجعة..

الملاحظ أن عمليات الدعم داخل المدرسة المغربية لا تهتم سوى بما هو معرفي، و لا تعير أي اهتمام للصعوبات و المعوقات النفسية و المادية و الاجتماعية للمتعلمين، ذلك أنه لا يمكن أن نهتم ببعد واحد من شخصية المتعلم، حيث إن عملية التعلم تتحكم فيها كل الأبعاد المختلفة لشخصية المتعلم و وسطه المادي و السوسيو ــ ثقافي عامة؛ و عليه وجب خلق أشكال دعم نفسية و اجتماعية، و ربما فزيولوجية و صحية داخل مدارسنا و ذلك إما بالعمل على تكوين خاص للمدرسين و الأطر، أو تعيين أخصائيين و إبرام شراكات..